بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتابُ الإتباعِ والمزاوَجَةِ، وكلاهُما على وجهينِ: أحدُهما: أن تكون كلمتان متواليتانِ على رويٍّ واحدٍ. والوجْهُ الآخَرُ: أن يختلفَ الرَّويّانِ، ثم تكونَ بعدَ ذلِكَ على وَجْهين:
أحدهُمُا: أن تكون الكلمة الثانية ذات معنى معروف، إلا أنها كالإتباع لما قبلها.
والآخَرُ: أن تكونَ الثانيةُ غَيْرَ واضحةِ المعنى ولا بنية الاشتقاق.
وكذا روى أن بعضَ العَرَبِ سُئلَ عن هذا الإتباعِ، فقال: هو شيءٌ نَتِدُ بهِ كلامَنَا.
وقد ذكرْتُ في كتابِي هذا ما انتهى إليَّ من ذلك، وصنَفَّتُهُ على الحروفِ، ليكونَ الطَفَ وأَقْرَبَ مأخذًا إن شاءَ اللهُ تعالى.
1 / 28
باب ما جاء من الإتباع والمزاوجة على الباء
تقولُ العربُ: إنه لسَاغِبٍ لاغِبٍ، فالساغِبُ: الجائع. واللاغب: المعي الكالُّ، وهو السُّغوبُ واللُّغوب. قال الشاعر:
(عَرَقُ السِّقاءِ على القَعودِ الّلاغِبِ ...)
ويقولون: رجُل حَرِيبٌ سليب، يقال: حرب ما له فهو حرِيب وقَوْمٌ حَرْبَى، قالَ الأعشى:
(وشيوخٍ حَرْبَى بجنْبَيْ أريكٍ ... ونساءٍ كأنهنَّ السَّعالي)
قال الأصمعي: رجل خياب تياب، قال: خيّابٌ: مِنْ خَابَ، وتَيَّابٌ: تَزْويجٌ، وهو يصلُحُ أنْ يكونَ إتباعًا. ويقال: خَيَّابٌ هَيَّابٌ، فهاتانِ معروفَتَا المعنى.
ويقولون: خَبٌّ ضَبٌّ، فالضَّبُّ: البخيل الممسك، وألخب: من الخب. ويقولون هو ضب كدية، إذا وصفوه بالضيق والتشديد.
ويقال: خَرَابٌ يَبَابٌ، وقد يُفْرَدُ اليَبَابُ، قال عُمَرُ بنُ أبي ربيعة.
1 / 29
(كسَتِ الرِّياحُ جَدِيدَها مِنْ تُرْبِهَا ... دُقَتًا وَأَصبْحَتِ العِرَاص يَبَابًَا)
فهذا إتباعٌ إلا أنّهُ أَفْرَدَهُ.
وممّا يُرادُ بهِ تأليف الكلامِ قولُهم: أَرَبَّ فلانٌ وألَبَّ، فهو مُرِبُّ مُلِبٌّ، إذا أقامَ. وما زال يفعلهُ مُذْ شَبَّ إلى أنْ دَبَّ، يريدون: مُذْ كان شابًا إلى أن دب على العصا.
ويسألون المرأَةَ فيقولون: أشابَّةٌ أمْ ثابَّةٌ، كأنّ الثابّةَ خِلافُ الشابّةِ، ومالَهُ حَلُوبَةٌ ولا رَكُوبةٌ، الحلوبةُ: ما تُحْلَبُ، والركوبةُ: ما تُرْكَبُ. وإنّه لمجرب مدرب، والدربة: العادةُ.
ورجُل خائِبٌ لائِبٌ، فالخائِبُ: الذي لم يَنَلْ مُرادَهُ، واللائِبُ: الذي يَلُوبُ بالشيء يطلبُهُ كالعطشان الحائمِ.
ورجُلٌ طَبٌّ لَبُّ، فالطَّبُّ: العالِمُ الحاذقُ، واللَّبُّ: من اللُّبِّ وهو العَقْلُ.
1 / 30
وحكى بعضُهم: أَرِبٌ جَرِبٌ، فالأرِبُ: المتوجِّعُ من آرابِهِ وهي أعضاؤُه، والجَرِبُ: من الجَّرَبِ.
ومن المزاوج: ماله هارِبٌ ولا قارِبٌ، أي مالَهُ صادِرٌ عنِ الماء ولا وارد. ومنه قولهم عند المبالغة: لا شَوْبَ ولا رَوْب، ولا شَيْبَ ولا عَيْبَ ابنُ الأعرابي: ما عندَهُ شَوْبٌ ولا رَوْبٌ، والرَّوْبُ: اللَّبَنُ والشَّوْبُ: العَسَلُ
1 / 31
باب التاء
يقال: إنّه مُعْفِتُ مُلْفِتٌ، إذا كان يَعْفِت كُلَِّ شِيءٍ، ويَلْفِتُهُ: أي يَدُقُّهُ.
وإنّه لعِفْريتٌ نِفْرِيتُ، وربما قالوا: عِفْرِيَةٌ نِفْرِيَةٌ، للداهي. وامرأةٌ خَفُوتٌ لَفُوتٌ، الخَفُوتُ: الساكنةُ، واللفوت: التي تَلْفِتُ نفسهَا عمّا يُكْرَهُ.
وفَرَسٌ صَلَتَانٌ فَلَتَانٌ، إذا وُصِفَ بالنشاطِ وحدَّةِ الفؤادِ، أما الصَّلَتَانُ: فمِنَ الصَّلْتِ والانْصِلاتِ، والفَلَتَانُ: كأنّه من أَفْلَتَ.
ويقولون للأحمقِ: هَفَّاتٌ لفّاتٌ، يُوصَفُ بالخفّةِ، وربما خَفَّفُوا فقالوا: هَفَاةٌ لَفَاةٌ.
1 / 32
ومن المزاوَج قولُهم في جوابِ مَنْ قالَ هاتِ: لا أُهاتيكَ ولا أُواتيك، والمعنى مفهومٌ في الكلمتين.
ويقولون لم يَبْقَ منهم ثبيتٌ ولا هبيتٌ، أي جبانٌ ولا شجاعٌ قال طرفة.
(فالْهَبيتُ لاَ فُؤادَ لَهُ ... والثَّبيِتُ ثَبْتُهُ فَهَمُهُ)
قالوا: الهبيتُ: الجَبَانُ، والثبيتُ: من ثَبَت.
باب الثاء
يُقال: تَرَكَتْ خيلُنا أرضَ بني فلان فلانٍ حَوْثًا بَوْثًَا، إذا أثارتَهْا. ويُقال: خَبيثٌ: نَبيثٌ، فيجوزُ أنْ يكونَ إتباعًا، ويجوزُ أن يكون من ينبث الشَّرَّ: أي يُثيرُهُ.
ويقال: عاثَ وهاثَ. ويقال: عاث يعيت عَيْثًا. ويقال: بَثَّ ونَثَّ. ويقال: حَثَّ ونَثَّ.
1 / 33
باب الجيم
قال اللِّحياني: هو سَمِيجٌ لَمِيجٌ، وسميج لميج. ويقولون: لَبَنٌ سَمْهَجٌ لَمْهَجٌ، إذا كان حُلْوًا دَسِمًا.
الِّلحياني: ما عِنْدَهُ على أَصحابِهِ تَعْرِيجٌ ولا تعويج، أى إقامة. ويقال: مالى فيه حوباء ولا لوجاء، ومالى فيه حُوَيْجاءُ ولا لُوَيْجاءُ ويقال: ما ثَمَّ ملجأ ولا ملجأ.
ورِجُلٌ خَرَّاجَةٌ ولاَّجَةٌ.
ورَجَعَ إلى حِنجه وبِنْجِهِ، أي أَصْلِهِ. ويقولون للصبيّ في الترقيص: حَدَارِجُ ندارج. ابن السكيت: ما ذاق شماجًا ولا لماجًا، وما لمجوه بشيءٍ، وما تَلَمَّجَ عنْدنَا بِلَمَاجٍ.
الأصمعي: فَرَسٌ عوج موج، الغوج: الواسع الخطو، والمَوْجُ: كأنّه يَموجُ.
ويقال: لا تَذْهَبَنَّ بكَ جمجمة ولا لَجْلَجَةٌ، أيْ لا تَشُكَّ فيه ولا تخلط.
1 / 34
باب الحاء
يونس: إنه شَقِيحٌ لَقِيحٌ، وشَقْحًا ولَقْحًا ولأشْقَحَنَّكَ شَقْحَ الجَوْزِ بالجَنْدَلِ أي لأَكْسِرنَكَّ.
ويقولون: هو مَلِيحٌ قَزِيحٌ وهذا إتباعُ، وقد يكون من أقْزاحِ القِدْرِ وهي الأَفحاءُ.
ويقولون: شَحِيحُ نَحِيحٌ، وأَنِيحٌ أيضًا، من أَنَحَ: إذا زَفَرَ عندَ السؤالِ. الأصمعي: هو قَبِيحٌ شَقِيحٌ وقَبَّحَهُ اللهُ وشَقَّحَهُ.
قال الراجز:
(أقْبحْ به مِنْ وَلَدٍ وَأشْقِحْ ... مثْل جُرَىِّ الكْلبِ لم يُفقِّحْ)
الأصمعي: قالت امرأةٌ من العرب: إني لأُبْغِضُ من الرجالِ الأمْلَحَ الأَقْلَحَ، المُلْحَةُ: بياضُ الشيب، والقلح: صفرة الأسنان.
1 / 35
ويقولون: ماله ساحة لا رَاحَةُ. ولا رائِحَةٌ ولا سارِحَةٌ، السارِحَةُ: التي تطلب بها المرعى فحيث ما أمست باتت، والرائحة: التي تُصْرَفُ إلى أهلِها كلَّ عَشِيَّةٍ.
ومن المزاوَجِ قولُهم: نعوذُ باللهِ من التَّرحِ بعد الفَرَحِ، التَّرَحُ: التًّنْغيصُ. قال ابنُ مُقْبِلٍ:
(إذَا مُتُّ فاَنْعَيْنيِ بمِاَ أنَا أَهْلُهُ ... وَذُمِّى اْلحَيَاة، كُلُّ عَيْشٍ مُترَّحُ)
ويقولونَ: لا أَفْلَحَ ولا أنجح، النجح: أن يَبْلُغَ ما طَلَبَ، والفَلاَحُ: البقاءُ. قال لبيدٌ:
(لَوْ كاَنَ حَيٌّ مُدْرِكَ الفلاَحِ ... أدْرَكَهُ مُلاَعِبُ الرِّمَاح)
وقال عديُّ بنُ زيدٍ العبادي:
(ثُمَّ بعد الفلاحِ وَالمُلْكِ وَاْلأمِةِ ... وأرَتْهُمُ هُناك اْلقبُوُرُ)
ويقال للأَمْرِ البَيِّنِ: إنّه لموضح موجح، كذا رأيته، والوجاح: السِّتْرُ، فلا أدري لأيّ معنىً قُرِنَ بهِ.
1 / 36
ويقولون: هو طَريحٌ طَلِيحٌ، فهذا من طَلَحَهُ السَّفَرْ، إذا أذابَهُ وَنَهَكَهُ وإنَّهُ لفاضحٌ ماضِحُ، أى غائب، ويقال: ما صح (بالصَّادِ) مِنْ مَصَحَ: إذا ذَهَبَ. ويقولون: لم يَبْقَ منهم صالحٌ ولا طالِحٌ، الطَّالحُ: الشارِدُ.
ومن الأسجاع، وليس من هذا البابِ، قولُ بائِعِ الدابّةِ: برِئْتُ إليكَ مِنَ الجِماحِ والرِّماحِ.
ويقولون: جاءَ بالضِّيحِ والرِّيحِ، الضِّيحُ: ضَوْءُ الشَّمْس، والرِّيحُ: معروفةٌ، أي جاءَ بما طَلَعَتْ عليهِ الشمس وما جرت عليه الرِّيحُ. وأنشد:
(والرِّيحُ لِلهِ وَمَا فيِ الرِّيحِ ... والشَّمْسُ فيِ اللُّجّةِ ذَاتُ الضيِّحِ)
أي ذاتِ الضَّوْءِ:
قال يونُسُ: شَقِيحٌ نَبِيحٌ:
أبو الجَرَّاحِ: تركْتُ فلانًا سادِحًا رادِحًا، وسَدَحَتْ فلانة ورَدَحَتْ: إذا أَخْصَبَتْ وحَسُنَتْ حالُها:
وهو ابنُ عمى لحا قحا.
1 / 37
باب الخاء
اللِّحْياني: سَليخٌ مَليخٌ، للَّذي لا طعم له. وأنشد:
(سَلِيخٌ مَليِخٌ كلَحَمْ الحُوْاِر ... فَلاَ أنْتَ حُلْوٌ ولاَ أنْتَ مُرُّ)
ويقولون من أسجاعهم: مَنْ شاخَ بَاخَ.
بابُ الدَّال
الَّلحياني: هو وحيد قحيد. ويقولون: وهو لك أبدًا سمدًا سرمدًا. وحكي: هو شديد أديب، وهو من الأَمْرِ الإِدِّ. ويقال: نَكْدًا لَهُ وجحدا له.
1 / 38
الأَصمعي: رجُلٌ كادُّ لادُّ. ويقولون: جاءَ مُسْتَمْغِدًا مُسْتَمِيْدًا، أي غَضْبانَ قد تَوَرَّمَ وَجْهُهُ من الغَضَبِ. ويقولون: ما عنده نَدَى ولا سَدَى، النَدى: ما كانَ من السماءِ بالنَّهارِ والسَّدَى: ما كان بالليل. وأنشد.
(كَأَّنّهُ أسْفَعُ ذو جُدّةٍ ... يمْسُدُهُ القَفْزُ بِلْيلٍ سَدِى)
ويقولون: هو سَيِّدٌ أيِّدُ. وإنه لأيِّدُ الغَدَاءِ، إذا كان حاضرِ الغَدَاءِ ويكونُ من الأيد أيضًا، وهي القوة. ويقال: ماله عن ذلك محتد ولا ملتد، أى ماله عنه مذهب ويقال: ماله سَبَد ولا لَبَدٌ، السَّبَدُ: الشَّعَرُ والوَبَرُ، والَّلبَدُ: الصُّوفُ ويقولون: لا يُجْدِي ولا يُمْدِي، يُجْدِي من الجَدْوَى، ويُمْدِي: يَبْلُغ المَدَى. قال ابنُ ميادة.
1 / 39
(بَيْتٌ بَنَاهُ الحارِثانِ لنَا ... إذْ أَنْتَ لا تجدى ولا تمدى)
ويقال: عرف ذلك البادى والقادى، القادي: الآتي، يقال: قدت علينا قادِيةٌ مِنَ الناسِ، أَيْ أَتَت. ويقال: هو جَلْدٌ نَجْدٌ أي عَوْنُ. وشَيْءٌ خالِدٌ تالِدٌ، ويجوزُ، بالِدٌ (بالباء): مقيمٌ بالبَلَدِ. أبو عبيدةَ: هو سَهْدٌ مَهْدٌ، أي حَسَنٌ. ويقال: بَقْلٌ ثعد معد، إذا كان غضبًا، مَعْدٌ إتباعٌ.
باب الذال
يقال: بَذَّ وفَذَّ، إذا تبرز. يقال: شيء فذ وشَذٌّ، وشَيْءٌ فَذٌّ شَاذٌّ، أي منقطعٌ عن أمثاله خارج منه. فذة شاذَّةٌ، إذا كانتْ مَبْتُورَةً.
باب الراء
يُقال: هو حَارٌّ يَارٌّ، وحَارٌّ جَارٌّ.
1 / 40
ويقولون: عين حدرة بدرة، والحدرة: الممتلئةُ، وكذلك البَدْرَةُ. ويقولون: رأسٌ زَعِرٌ مَعِرٌ، وهو القليل الشعر. وجمل وبر هبر. وسويق قفاز عفار أي غير، أى ملتوت. وإنه لفقير وقير، قال بعضُهم: الوَقِيرُ المُثْقَلُ دَيْنًا. ولقيتُه صَحْرَةً بَحْرَةً، إذا بادأهُ. وهو صَيِّرٌ شَيِّرٌ ذو صُورةٍ وشارَةٍ. ويقال: خَيْلٌ شِيَارٌ، أي حِسانُ. وهو شَهِيرٌ جَهِيرٌ، في الخَلْقِ والصَّوْتِ. وإِنَّهُ لصِفْرٌ صِحْرٌ، أي خالٍ. وتَفَرَّقُوا شَغَرَ بَغَرَ وشذر مذر. وإنه لحائر بائر. وإنه لحضجر حجر، أي ضَخْمٌ. وهم أكثر من الطَّرَى والثَّرى: الطَّرى: النباتُ. والثَّرى: الترابُ. وسمعْتُ للحمارِ شخِيرًا ونَخِيرًا، الشخيرُ: من الصَّدْرِ، والنخيرُ: من المِنْخَرَيْنِ.
1 / 41
وفلان لا يَغِيرُ ولا يَمِيرُ يقال للمِيْرَةِ: الغِيرَةُ أيضًا. وفُلانٌ لا في العِيرِ ولا في النَّفِيرِ، أي لا في السَّوادِ ولا في المُقَاتِلَةِ، وله حديثٌ. ويُقال لا أفعلهُ ما اخْتَلَفَ السَّمَرُ والقَمَرُ. وجاء فلانٌ في نافِرِتِهِ وزَافِرتَهِ، أي جَمَاعَتِهِ. وجاء بالغَوْرِ والمَوْرِ، الغَوْرُ: الماءُ، والمَوْرُ: الترابُ.
وما لِبَيْتِ فُلانٌ أهَرَةٌ ولا ظَهَرَةٌ، الأَهَرَةُ: جَيِّدُ المَتَاعِ، والظَّهَرَةُ: ما استظهر به مما دون ذلك. ومن الباب قول الكميت:
(قييح بمثلى نعت الفتاة ... إمّا ابْتِهارًا وإمّا ابْتيارا)
الابْتِهارُ: أنْ يقولَ بخبرة، والابتيار: أن يقول مالا يَعْلَمُ. ويقال: ذَهَبَ حِبْرُهُ وسِبْرُهُ، الحِبْرُ والسِّبْرُ: الجمالُ والبهاءُ. وإِنَّه لحَقِيرٌ نَقِير، وحَقِرٌ نَقِرُ، وحقر نقر. وهو كثير بثير وبَذِيرٌ، وهو إتباعٌ، وبَجِيرٌ أيضًا.
1 / 42
وفي الأسجاع وليس من الباب: ما عندَهُ خَيْرٌ ولا مَيْرُ.
ويقولون: هو خاسِرٌ دامِرٌ دابِرٌ، وخَسِرٌ دَمِرٌ دَبِرٌ، وماذا رأَيْتَ من خسارته ودمارته ودَبَارَتِهِ. ويقولون: شَرٌّ شِمِرٌّ.
وهو سَرٌّ بَرٌّ، وسَارٌّ بَارٌّ. وأَحْمَرُ أَقْشَرُ، أي شديدُ الحُمْرَةِ. وماله دار ولا عقار، العقار: النخل والضباع. وماله ثَمَرٌ ولا كَثَرٌ، الكَثَرُ: الجُمَّارُ، وفي الحديثِ: " لا قَطْعَ في ثَمَرٍ ولا كَثَرٍ " وما يَعْرِفُ هِرًا من برَّ، أي ما يُحْسِنُ يُورِدُ ولا يُصْدِرُ، ويقولون عند
1 / 43
الإيرادِ: هِرٌّ، وعند الإصدار: بِرٌّ، ويقال: الهِرُّ: دعاء الغنم، والبر: سوقها. ومن أسجاعهم: خبرته بعجزى ويجري، العجز: أن تتعقد العروق والعصب حتى تراها ناتية من الجسد، والبجر: نحوها. ويقولون: هو أشعر أظفرأي طويلُ الشَّعْرِ والأَظفارِ ويقولون: حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّةٍ، للذي يُخْفي أمْرًا ويظهِرُ غَيْرَهُ، الحِرَّةُ: العَطَشُ، والقِرَّةُ: الرِّعْدَةُ. ويقولون: هو بَطِرٌ أَشِرُ. ويقولون للمرأة: أيْسَرْتِ وأَذْكَرْتِ، أي سَهُلَتْ ولادتُكِ وجئْتِ بولَدٍ ذَكَرٍ. ويقولون: نَهَرَةٌ وبَهَرَةٌ، هو منَ الانتهارِ، وبَهَرَةُ: غَمَّةُ وغَاظَهُ: قال:
(إنَّ اللئيمَ إذا سَألْتَ بَهَرْتَهُ ... وترى الكريمَ يُراحُ كالمُخْتَالِ)
ويقولون: هذا الشّرُّ والبِرُّ، وهذا الشَّرُّ والعُرُّ، والعر: الجَرَبُ. ويقولون: بَلَغَ أَطْوَرَيْهِ وأَقْوَرَيْهِ، أي منتهاهُ. ويعبرون عن الأمور: بالشقور والعقور. ويقولونَ: هو يَشَارُّهُ ويُمَارُّهُ ويُزَارُّهُ.
1 / 44
وإِنَّ فلانًا لذو حِجْرٍ وزَبْرٍ، للحليمِ العاقِلِ. قال ابنُ أَحْمَرَ:
(وَلِهَتْ عليهِ كلُّ مُعْصِفَةٍ ... هوجاءُ لَيْسَ لِلبِّهَا زَبْرُ)
ويقولون: مالٌ دَبْرٌ دَثْرُ. ويقولون: دَمٌ خَضِرٌ مَضِرٌ، وذلكَ إذا طُلَّ فَذَهَبَ. وبعضُ العَرَبِ يقول: هو لك خَضِرًا مَضِرًا، أي هنيئًا مريئًا. ويقولون: بَقِرٌ وعَقِرٌ، البَقَرُ: ذَهَابُ المالِ، والعَقَرُ: الزَّمَانَةُ. ونعوذُ باللهِ من الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ، الحَوْرُِ: النقصانُ، والكَوْرُ: الجماعَةُ من الإبِلِ. ويقولون خاسِرٌ دابِرٌ، الدبر: الخائب. أنشد الأصمعي لدختنوس بنت حاجب:
(ونركت يربوعًا كفوزة دابِرٍ ... ولَتَقْسِمَنْ باللهِ إنْ لَمْ تَفْعَلِ)
يريد بأَنْ. ويقولون: إنه لَسَرِيٌ مَرِيٌّ، من السَّرُوِ والمروءةِ. أبو عبيدة: هذا رُطَبٌ صَقِرٌ مَقِرٌ أي له صَقْرٌ وهو عَسَلُهُ.
1 / 45
ومن كلامِهِمْ: لا أفعلُه ما اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ والجِرَّةُ، اختلافُهما: أنَّ الدَّرَّةَ تُسْفِلُ والجِرَّةَ تَعلُو. وروى أبو عبيدةَ: مكانٌ عَمِيرٌ بجِيرٌ من العِمارَةِ، وهو إتباعٌ. قال الفرَّاء: هو أشِرٌ أَفِرٌ، وأَشْرَانُ أَفْرانُ. وإِنَّهُ لَهَذِرٌ مَذِرُ. وما حدثه إلا الصقر البقر، أى الكذب. وفي الدعاء: ماله سهر وعبر.
باب الزاء
الأصمعي: فَزٌّ نَزٌّ، وهو الخفيفُ المُتَوَقِّدُ. قال الراجِزُ:
(في حاجةِ القَوْمِ خُفَافًا نَزَّا ...)
ويقال: نزر سَهْمَكَ فيذرُهُ بيمينِهِ في شِمالِهِ. ويقال: ما زَيْدٌ إلا خَبْزٌ أو لَبْزٌ، اللَّبْزُ: شِدًّةُ الأَكْلِ. وهو هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ: الهُمَزَة الذي يهمزُ الناسَ بالألقابِ، واللًّمَزَةُ: العَيَّابُ. قال:
1 / 46
(هَلْ غيرُ هَمْزٍ وَلمَزٍ للِصَّديق ولا ... تَنْكى عَدُوَّكُمُ مُنْكمْ أَظَافِيرُ)
وهو عَزِيزٌ مَزِيزٌ، أي فاضل، المز: الفضل. وروى أبو عبيد في هذا البابِ عن الأحمر: الخازباز، صَوْتُ الذُّبابِ، وأنشدَ لابنِ أَحْمَرَ:
(تَفَقَّأ فَوْقَهُ القَلَعُ السَّوَارى ... وجُن الخازِ بَازِ بهِ جُنُونًا)
باب السين
أبو عبيد، عن أبي زيدٍ: جاء بالمال من حسه وبسه، ومن حسه وعسه، ومن حسه وبسه، قال غيره: وتفسيرُهُ: من حَيْثُ أَحَسَّهُ وانَقطعَ عنْهُ. ويقولون: لا يُدَالسُ ولا يُوَالِسُ، المدالَسَةُ: الخيانةُ، والمُوَالَسَةُ: الخِداعُ، وتكونُ المُدَالَسَةُ من الدَّلَسِ وهي الظُّلمَةُ، أي يفعلهُ في الظلامِ، والمُوَالَسَةُ من الأَلْسِ: وهي الخِيانَةُ. ومن أمثالِهِمْ: الإيناسُ قَبْلَ الإِبْساسِ، وهو الدعَاءُ والتسكينُ عِنْدَ الحَلْبِ، قالَ الحطيئةُ:
1 / 47