(أما بعد) فيقول فقير الله تعالى بلا مين، علي بن أحمد بن سعيد أبو صبرين: قد كان يختلج في صدري منذ خمس سنين، أن أشرع في جمع ما تيسر من مسائل الخلاف الحاصل بين الإمامين العلمين الشهيرين سيدنا <ص: 3> ومولانا الإمام الشيخ أحمد بن محمد بن حجر الهيثمي، وسيدنا ومولانا الإمام الشيخ محمد بن أحمد الرملي، وكنت أترصد فرصة من الوقت، رائقة من كدر الدنيا فائقة من الضنك، فهتف بي هاتف: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك، فكنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى، مترددا بين الإقدام والإحجام، لا أدري أيهما أحرى، فاستخرت الله في ذلك، فلما عزمت على التوجه من الحجاز المعظم إلى الأقطار المصرية متوجها في بحر القلزم في 22 ربيع الثاني من سني سنة 1260، اجتمعت ببعض الإخوان فوجدت معه مؤلف شيخنا العالم العلامة المحقق المدقق الورع الزاهد العابد الشيخ سعيد بن محمد باعشن المسمى ببشرى الكريم شرحا على مسائل التعليم، وكان ذلك المؤلف مولعا بذكر أكثر مسائل الخلاف بين الشيخين المذكورين، فبدأت في مطالعته في 2 جمادى الأولى، فطالعته كله ما عدا كراسين في عشرة أيام، فوجدت عبارته في غاية التحرير والتحقيق والتدقيق والتنميق، مختصرا <ص: 4> مبسوطا ومعجما عن الحشو، منقوطا غريبا في هذا الزمان، عزيزا في كل أوان، وقلت فيه لما رأيت بعض ما فيه:
كتاب لو أن الحرف منه ببدرة ... لكان الذي يعطيه في حيز الغبن
أحاط بتوحيد وفقه وأعلنا ... بخلف الإمامين بوجه لنا مغني
وجاد بما ضنت به من شوارد ... نهاية رملي كذا التحفة المغني
جزى الله بالخيرات عنا نسيجه ... وأسكننا فضلا وإياه في عدن
Sayfa 3