Peygamberin Nebiliğinin İspatı
إثبات نبوة النبي
Türler
فمن ذلك قوله عز وجل: { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) } [البقرة] ، فشبه المنافقين الذين (¬1) أظهروا الإيمان ، وانتفعوا به بين المسلمين ، بمن استوقد نارا ، حتى أضاءت ما حوله ، وشبه أحوالهم عند الموت وبعد الموت ، في أنهم لا ينتفعون بما أظهروه من الإيمان ، ثم { ذهب الله بنورهم } حتى بقوا في { ظلمات لا يبصرون (17) } ، ثم استعار لهم عز وجل اسم الأصم والأبكم ، وضم الأعمى فقال: { صم بكم عمي فهم لا يرجعون (18) } [البقرة] ، فهم في إعراضهم عن استماع الحق بمنزلة الصم الذين لا يسمعون ، وفي تركهم النطق بالحق - على ما أمرهم الله عز وجل ودعاهم إليه - بمنزلة الخرس الذين لا ينطقون .
ثم قال عز وجل: { أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق . . . } [البقرة: 19] إلى آخر الآية ، فشبههم في حيرتهم وتبلدهم ، واضطراب أمورهم ، وحرج صدورهم ، بمن يكون في ظلمات ورعد وبرق ، ثم ذكر هذا المعنى بقوله عز وجل: { ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء } [الأنعام: 125] ، ثم زاد في وصف أحوالهم ، فقال: { يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب } [البقرة: 20] ، ثم رد عز وجل هذا المعنى - أعني تأثير البرق في الأبصار - في غير هذه الألفاظ ، فقال: { يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار (43) } [النور] ، وهذا من الفصاحة العجيبة والبلاغة التامة ، أن يرد معنى واحد (¬2) بألفاظ مختلفة تجمعها الفصاحة .
ثم عاد عز وجل إلى ذكر من بدأ بذكرهم ، فقال: { والله محيط بالكافرين (19) } [البقرة] ، وهذا قسم من الفصاحة ، وهو أن يجري ذكر شيء ثم يتجاوز إلى ذكر غيره ، ثم يعطفه عليه ويعاد ذكره - أعني المذكور أولا - مثل قول جرير:
متى كان الخيام بذي طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام (¬3)
فجمعت هذه الآية أنواع الفصاحة ، منها الجزالة في اللفظ ، مع التشبيهات والاستعارة الواقعة ، والعطف آخر الكلام على أوله .
Sayfa 198