-105- وان جهلها ، إذا علم بذلك منه ، كما لا يجوز له أن يجهل منزلته التي نزل بها إذا علمها من الحجة في العلم ، وهكذا الحق لا شبهة فيه ولا اختلاف ، لأنه إنما كان العالم حجة في العلم بالحق ، فلما أن زال عن حكم الحق كان خصما في الحق ، وزال عنه حجة الحق ، ولا يجوز أن يكون خصما في شيء حجة فيه أبدا ، ولا يقوم هذا في حجة الدين ولا حجة العقل ، ولا يجوز أن يكون يجهل الجاهل للخصم من الحجة نزول في حكم الإسلام ، حجة الحجة إلى منزلة الخصم ، وينزل الخصم في منزلة الحجة ، ويكون حجة على الحجة ، ومحال أن يكون الخصم في حال من الحال حجة على البينة ولا على الحكم ، هذا من المحال ، ولو جهل ذلك العماة والجهال .
وإنما زال عن هذا الجاهل البراءة من هذا العالم من حينه بقول خصمه هذا الضعيف ، إذا قام عليه بالحق من طريق أن الضعيف لا تقوم بقوله الحجة في الفتيا ، فيما يسع جهله ، ولما أن كان خصمه في أول المسالة عالما تقوم بقوله الحجة في الفتيا ، وجب على الجاهل قبول قول العالم فيه من حينه ، ولزمته البراءة بذلك ، لأنه الحجة التامة التي لا يوجد لها إلا مثلها ، وخصمها مبطل في أصل الدين لاحجة منه ولا له .
ولا تعدو الحجة معنا في الفتيا أحد أمرين :
إما أن تقوم الحجة في الفتيا من العالم الواحد المحق فيما يسع جهله .
واما ألا تقوم الحجة فيما يسع جهله إلا أن يبصر الجاهل عدل ذلك ويبين له صوابه ، ولا معنى بعد ذلك الواحد من العلماء في الإثنين ولا الثلاثة
Sayfa 106