فإن قالوا : إنا لم نأمره بالخروج في طلب علم ذلك ، إلا أن يتوسل في دلك إلى الله وطلب الفضيلة ، ولكنا إنما نأمر من نأمر بالخروج في طلب صحة الأحداث الواقعة بعمان السالفة ، من أمر الصلت بن مالك وراشد بن النضر وموسى بن موسى ، حتى يسأل عن ما يلزمه من أمر أولئك الذين مضوا ، ويعرف الحق فيهم والباطل.
قلنا له : فلا يخرج أيضا أمر الصلت بن مالك ، وموسى بن موسى وراشد بن النضر عند هذا الشخص الذي قد وقعت عليه أعينكم من أحد أمرين :
إما أنه قد وقعتم من أمره فيهم على ما لا يسعه فيه جهله ، فقد قامت عليه الحجة بعلمه فيهم ، الذي قد عرفتموه منه ، فهو هالك محجوج ولا ينفعه الخروج ، وهو على نفسه حجة ، فكيف إذا أردتموه أنتم من حججكم ، فيقطعون عذره و يبرؤوا منه إذ قد هلك ، وترسلونه يسأل عن دينه ولا يبرؤون منه ، وقد هلك حتى يخرج ، فيهلك في طريقه أو يسلم ، وتقولون : إنكم لستم عليه بحجة ، وإنما الحجة عليه في خروجه الذي تأمرون به ، فانتم في هذا كاذبون ، إذا كان قد قامت عليه الحجة بعلمه ، وأنتم تقولون أنكم لستم عليه بحجة ، وإنما ترسلونه إلى الحجة ، وعلمه قد علمتم أنه حجه عليه ، وأنه قد هلك بعلمه فيهم ، فانتم كاذبون ، وهو هالك وأنتم له مسالمون .
وإما أن يكون أنه قد علمتم منه أنه لم يعلم منهم ما لا يسعه جهله ، وأنه سالم بجهل ذلك منهم فهو مما يسعه جهله في أحكام الدين ، وإلزامهم له الخروج اللازم لما لا يلزمه في دين المسلمين وأنتم بذلك من الهالكين المتكلفين ، بخلاف ما مضى عليه المسلمون ، وأما أن تعرفوا منه من علمه فيهم ما يسعه جهل الحكم فيه ، ويكون به سالما ، ما لم تقم به عليه الحجة من المسلمين العلماء ، فإن كنتم علماء وقد أقمتم عليه الحجة بالفتيا ، فقد
Sayfa 93