فأما إبليس فهو أول من اظهر الخلاف وركب العناد وسار به في البلاد. والفرق بينه وبين الملائكة أن الملائكة لم يظهر منهم خلاف ولا عصيان، بل طلبوا بسؤَالهم الإيضاح والبيان. وإبليس أفتى ودلَّ في مسألته فانقطع في مجادلته وخسر في كَرَّته وبيان فساد تعليله، وإزاغته عن الصواب في تأويله. أنه قال: (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ومعناه: أن النار جوهرٌ لطيفٌ شفافٌ له قوة الإشراق وسلطان الإحراق، والطين جسمٌ مظلمٌ كثيفٌ، ليس باللطيف ولا الخفيف. والسجود خدمة يتضمن تعظيم المسجود له والأَوْلى بها الأعلى منهما، هذا منتهى كلامه ومضمون قوله وهو مردودٌ عليه من وجوه: " منها ": أنه عارض النص بالقياس وهو فساد في الاعتبار وعدم استبصار؛ لأن العمل بالنص مقدم على القياس؛ لأن سهام القياس تصيب مرة وتخطئ أُخرى. وكلام المعصوم المنزه عن الغلط والزلل لا يخطىُْ. " ومنها ": أن الماء والتراب والهواء والنار أصول الأجسام وموادُّ المركبات. فلا يقوم جسم إلاَّ باجتماعها، وإذا كانت متكافئة في
1 / 60