من أين هذه الأموال مجموعة وأين هي بعد ذلك موضوعة قد شيدت منها القصور وشربت منها الخمور وجند بها الجنود وجى بها سواس القرود وأهل اللعب بالبزاة والفهود، وكل من شايعهم على تعطيل الحدود وينكحون النساء ويشترون الإماء بأموال الأرامل واليتامى والمساكين فيا سبحان الله هل هذا إلا تعطيل الدين وأحكام الكتاب المبين والكفر بديان يوم الدين فلا كتاب بينهم يتبع ولا سنة بينهم تسمع فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كان لم يسمعها فبشره بعذاب أليم فلما رأيت هذا الضلال فيهم قد عم والفساد منهم قد شمل نظرت في ابتداء ذلك ممن تشعب وإلى من ينتسب من المتسولين على أحكام الدين إذ كل هذا وشبهه لا يجري إلا من أهل الغلبة والسلطان والعتو والطغيان فميزت عند ذلك واختبرت وتفكرت وتدبرت وبحثت واعتبرت طالبا بذلك سبيل الهداية وهاربا عن سبيل الضلالة والرد ليتولى من يحب ولايته بحقيقة معرفته ويرفض من يحب البراءة منه ببصيرة في عمله إذا كان حق النظر والاعتبار يوجب على كل ذي فهم أن لا يتولى إلا بمعرفة ولا يرفض إلا ببصيرة فلما أعملت الاستقصاء في ذلك بالنظر والاختبار والفحص والاعتبار وجدت فساد ذلك كله يتبع بدع الثلاثة المستولين على أحكام دين الله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقر بذلك منهم الخاص والعام من نقلة الآثار وحملة الأخبار مما نحن ذاكروه في مواضعه منسوبا إلى كل واحد منهم ما جرى منه في ذلك على جهته إذ كان كل واحد من الثلاثة قد ابتدع في أيامه وعصره بدعا في شريعة الاسلام على قدر طول عمره وتراخى أيامه وعلى قدر تمكنه في سلطانه مما يوجب على مبتدعه الهلاك والدمار وسوء العاقبة والبوار إذ لا أحد مجتمع على خطر ذلك من الله تعالى ورسوله في الدين على جميع المسلمين فمن الثلاثة من كانت بدعه داخلة للضرر والفساد على جميع من دخل تحت أحكام الشريعة من مسلم ومعاهد ومنهم
Sayfa 2