İstidhkar Câmi
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار
Araştırmacı
سالم محمد عطا، محمد علي معوض
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢١ - ٢٠٠٠
Yayın Yeri
بيروت
وَكَذَلِكَ يُقَالُ فُلَانٌ نَارٌ يُرِيدُ أَنَّهُ يَفْعَلُ كَفِعْلِ النَّارِ مَجَازًا وَاسْتِعَارَةً
وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ تَفْضُلُ نَارَ بَنِي آدَمَ سَبْعِينَ جُزْءًا أَوْ تِسْعَةً وَسِتِّينَ جُزْءًا
وَفِي هَذَا مَا يُوَضِّحُ لَكَ أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ أَوْ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَمَنْ قَالَ قَوْلُهُمْ وَمِنْهُ أَحْرَقَ الْحُزْنُ قَلْبِي وَأَحْرَقَ فَلَانٌ فُؤَادِي بِقَوْلِهِ كَذَا وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قِيلَ الْحَرُّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ «فَإِذَا اشْتَدَّ الْحُرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ» فَمَعْنَى الْإِبْرَادِ بِهَا تَأْخِيرُهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا حَتَّى يَزُولَ سَمُومُ الْهَاجِرَةِ لِأَنَّ الْوَقْتَ فِيهِ سَعَةٌ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - عَلَى مَا مَضَى فِي كِتَابِنَا هَذَا وَاضِحًا
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فَذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو الْفَرَجِ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الظُّهْرِ وَحْدَهَا أَنْ يُبْرَدَ بِهَا وَتُؤَخَّرَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ تُصَلَّى فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا
قَالَ أَبُو الْفَرَجِ أَخْتَارُ لَكَ لِجَمِيعِ الصَّلَوَاتِ أَوَّلَ أَوْقَاتِهَا إِلَّا الظُّهْرَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِقَوْلِهِ ﵊ «إِذَا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة»
وأما بن الْقَاسِمِ فَحَكَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الظُّهْرَ تُصَلَّى إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ ذِرَاعًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ لِلْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ إلى عماله
وقال بن عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا إِنَّ مَعْنَى كِتَابِ عُمَرَ مَسَاجِدُ الْجَمَاعَاتِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى بِهِ وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنَ الْوَقْتِ كُلِّهِ
وَإِلَى هَذَا مَالَ فُقَهَاءُ الْمَالِكِيِّينَ من البغداديين ولم يلتفتوا إلى رواية بن الْقَاسِمِ
وَقَدْ مَضَى فِي الْأَوْقَاتِ مَا يَكْفِي فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا الظُّهْرَ وَغَيْرهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَهُوَ أَفْضَلُ
وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى فَقَالَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِمَامُ جَمَاعَةٍ يَنْتَابُ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ فَإِنَّهُ يُبْرِدُ بِالظُّهْرِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْإِبْرَادِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ لِشِدَّةِ حَرِّ الْحِجَارَةِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْمَدِينَةِ مَسْجِدٌ غَيْرُ مَسْجِدِهِ فَكَانَ يُنْتَابُ مَنْ بَعُدَ فَيَتَأَذَّوْنَ بِشِدَّةِ الْحَرِّ فَأَمَرَهُمْ بِالْإِبْرَادِ لِمَا فِي الْوَقْتِ مِنَ السَّعَةِ
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ تُصَلَّى الظُّهْرُ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاسْتَثْنَى أبو
1 / 98