وَشَبَّهَهُ الشَّمَّاخُ بِمَفْرِقِ الرَّأْسِ لِمَنْ فَرَقَ شَعْرَهُ فَقَالَ
(إِذَا مَا اللَّيْلُ كَانَ الصُّبْحُ فِيهِ ... أَشَقَّ كَمَفْرِقِ الرَّأْسِ الدَّهِينِ)
وَيَقُولُونَ لِلْأَمْرِ الْوَاضِحِ هَذَا كَفَلَقِ الصُّبْحِ وَتَبَاشِيرِ الصُّبْحِ وَكَانْبِلَاجِ الْفَجْرِ
وَقَدْ زِدْنَا هَذَا بَيَانًا فِي «التَّمْهِيدِ»
وَفِي قَوْلِهِ ﷺ «مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ» دَلِيلٌ عَلَى سَعَةِ الْوَقْتِ فِي الصُّبْحِ وَفِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ عَلَى مَا قَدْ أَوْضَحْنَا فِيمَا مَضَى مِنَ الْأَوْقَاتِ
وَنَزَعَ بِقَوْلِهِ «مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ» إِلَى جَعْلِ أَوَّلِ الْوَقْتِ كَآخِرِهِ فِي الْفَضْلِ
وَمَالَ إِلَى ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ بِهِ أَهْلُ الظَّاهِرِ وَخَالَفَهُمْ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَنَزَعُوا بِأَشْيَاءَ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي «التَّمْهِيدِ» وَعُمْدَتُهَا أَنَّ الْمُبَادِرَ إِلَى أَدَاءِ فَرَضِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ - أَفْضَلُ مِنَ الْمُتَأَنِّي بِهِ وَطَالِبِ الرُّخْصَةِ فِي السَّعَةِ فِيهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﷿ (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) الْبَقَرَةِ ١٤٨ وَقَوْلِهِ (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) الْحَدِيدِ ٣١
وَقَالَ ﵇ «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ»
وَقَالَ ﵇ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ «الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا»
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَدِيثَ فِي «التَّمْهِيدِ»
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَذَهَبُ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ إِلَى أَنَّ الْإِسْفَارَ بِهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّغْلِيسِ فِي الْأَزْمِنَةِ كُلِّهَا الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنِ النَّبِيِّ ﵇ «أَسْفِرُوا بِالصُّبْحِ فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ