108

Al-Istidhkar

الاستذكار

Araştırmacı

سالم محمد عطا ومحمد علي معوض

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1421 AH

Yayın Yeri

بيروت

امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ الثَّوْمِ وَالْبَصَلِ لِعِلَّةٍ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً فِي غَيْرِهِ فَصَارَ ذَلِكَ خُصُوصًا وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ «مَنْ أَكَلَهُ فَلَا يَقْرَبْ هَذَا الْمَسْجِدَ لِأَنَّ قَوْلَهُ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ» دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ أَكْلِهَا لَا عَلَى تَحْرِيمِهَا كَمَا زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ الَّذِينَ يُوجِبُونَ إِتْيَانَ الْجَمَاعَةِ فَرْضًا وَيَمْنَعُونَ مِنْ أَكَلِ الثَّوْمِ وَالْبَصَلِ وَمَنْ أَكَلَهُ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ لِصَلَاةٍ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شُهُودَ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ بِفَرِيضَةٍ خِلَافًا أَيْضًا لِأَهْلِ الظَّاهِرِ الَّذِينَ يُوجِبُونَهَا وَيُحَرِّمُونَ أَكْلَ الثَّوْمِ مِنْ أَجْلِ شُهُودِهَا» وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ أَكَلَ الثَّوْمَ مِنَ السَّلَفِ فِي «التَّمْهِيدِ» عَلَى حَسْبِ مَا بَلَغَنَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعَانٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا خَرَجَ النَّهْيُ عَلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ ﵇ مِنْ أَجْلِ جِبْرِيلَ وَنُزُولِهِ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَقَالَ الجمهور حكم مسجد النبي وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَمَلَائِكَةُ الْوَحْيِ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ لِأَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ وَقَالَ يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثَّوْمِ» وَلَا يَحِلُّ إِذًا لِجَلِيسٍ وَلَا لِمُسْلِمٍ حَيْثُ كَانَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي «التَّمْهِيدِ» حَدِيثَ عُمَرَ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ خَبِيثَتَيْنِ الْبَصَلِ وَالثَّوْمِ وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأْكُلُونَ الثَّوْمَ وَالْبَصَلَ وَأَنَّهُمْ لَمْ يُنْهَوْا عَنْ أَكْلِهِمَا وَلَكِنَّهُمْ أُبْعِدُوا مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْ أَجْلِهِمَا وَفِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَغَيْرِهِ «فَلَا يَقْرَبْنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُمَا» وَذَلِكَ كُلُّهُ إِبَاحَةٌ لِأَكْلِهِمَا وَلِلتَّأَخُّرِ عَنِ الْمَسْجِدِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ أَنَّ كُلَّ مَا يُتَأَذَّى بِهِ كَالْمَجْذُومِ وَغَيْرِهِ يُبْعَدُ عَنِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ شَاهَدْتُ شَيْخَنَا أَبَا عُمَرَ الْإِشْبِيلِيَّ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ أَفْتَى فِي رَجُلٍ شَكَاهُ جِيرَانُهُ وَأَثْبَتُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ يُؤْذِيهِمْ فِي الْمَسْجِدِ بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ - بِأَنْ يُخْرَجَ عَنِ الْمَسْجِدِ وَيُبْعَدَ عَنْهُ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا هَذَا وَقَدْ كَانَ فِي أَدَبِهِ بِالسَّوْطِ مَا يَرْدَعُهُ فَقَالَ الِاقْتِدَاءُ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ ﵇ أَوْلَى وَنَزَعَ بِحَدِيثِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَرَوَى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ آكِلِ الثَّوْمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ بِئْسَ مَا صَنَعَ حِينَ أَكَلَ الثَّوْمَ وَهُوَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حضور الجمعة

1 / 118