المصانع، وذلك لعدم الدليل الموجب لزكاتها، مع وجودها في عصر التشريع، ولأن الأصل حفظ أموال الناس، فلا يجوز الأخذ منها إلا بدليل شرعي؛ لئلا يكون أكلًا لأموال الناس بالباطل وهو محرم، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ﴾ (١). وإنما تجب الزكاة في غلة المستغلات إذا بلغت نصابًا (٢)، وحال عليها الحول من حين ابتداء إنتاجها؛ لأنها مال واحد يتقلب، والربح فيه تابع لأصله في نصابه وحوله (٣). ومن ذلك يتبين أن زكاة المصانع إنَّما تكون بتزكية صافي غلالها بعد حولان الحول على بداية إنتاج المصنع، وبذلك أفتت الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة (٤).

(١) سورة النساء (٢٩). (٢) فقد اتفق الفقهاء على اشتراط النصاب لوجوب زكاة النقدين وما في حكمها، ويلحق بذلك عروض التجارة كغلة المصنع؛ لأن العروض تقوم بالنقدين، وسيأتي بيان ذلك (ص ١٥٩). (٣) وقد اتفق الفقهاء على اشتراط الحول القمري لإيجاب الزكاة فيما بلغ نصابا كما تقدم في (ص ٨١) من هذا البحث، كما اتفقوا على عدم اشتراط الحول للمال المستفاد إذا كان من نماء مال عنده كربح التجارة ونتاج السائمة، وإنما حول أصله حول له. انظر: الأموال (ص ٤١٦)، بدائع الصنائع ٢/ ١٣، المدونة ١/ ٢٣٥، المجموع ٥/ ٣٣٢، المغني ٤/ ٧٤. (٤) فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزكاة المعاصرة (ص ٨٦)، كما أفتى بيت الزكاة الكويتي بذلك، ينظر: أحكام وفتاوى الزكاة والصدقات والنذور والكفارات (ص ٥٧)، وزكاة الأصول الاستثمارية الثابتة، ضمن أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة (ص ٤٥١).