من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
Türler
ومثله في الوضوح قوله - أيضًا -:
وما أنا وحدي قلت ذا الشعر كله ولكن لشعري فيك من نفسه شعر!
فالشعر مفعول على القطع، والنفي والنفي موجه إلى أن يكون هو وحده القائل (١) له.
والدليل على أن هناك فرقًا بين تقديم الاسم وتقديم الفعل: أمران:
أحدهما: أنه يصح لك أن تقول: (ما قلت هذا ولا قاله أحد من الناس) وذلك لأنك عندما قدمت الفعل - نفيته من غير أن يثبت أن مفعول، فيصبح أن تنفيه بعد ذلك عن جميع الناس، ولكن لا يصح أن تقول: (ما أنا قلت هذا، ولا قاله أحد من الناس)، لما فيه من تناقض، وذلك أن تقديم الاسم في النفي يدل على أن الفعل قد وقع من غيرك، فإذا ما نفيته بعد ذلك عن جميع الناس جاء التناقض.
وثانيهما: أنك إذا قلت: (ماضربت إلا زيدأ) كان كلامًا مستقيمًا ولكنك إذا قلت: (ما أنا ضربت إلا زيدًا) كان لغوًا من القول وذلك لأن نقص النفي بإلا يقتضى أن تكون قد ذربت زيدًا، وتقديمك ضميرك وإبلاؤه حرب النفي يقتضى نفي أن تكون ضربته، وهنا يأتي التناقض (٢).
على أنك تجد هذا الفرق -أيضًا - في تقديم المفعول وتأخيره:
فإذا قلت: (ما ضربت زيدًا)، فقدمت الفعل، كان المعنى: أنك
_________
(١) دلائل الإعجاز صـ ٨٤.
(٢) دلائل الإعجاز صـ ٨٥.
1 / 96