من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
Türler
لكان الجواب: فعلت أو لم أفعل، فالهمزة في هذا، وما شاكله من الأمثلة تقرير بفعل قد كان وإنكار له لما كان؟ وتوبيخ لفاعله عليه" (١).
وقد تأتي الهمزة لإنكار أن يكون الفعل قد كان من أصله وماله: قول الله تعالى: أفأصناكم وبكم بالبنين وأتخذ من الملائكة إناثًا؟ أنكم لتقولون قولًا عظيمًا "وقوله تعالى أصطفى البنات على البنين؟ ما لكم كيف تحكمون؟ فالآية الأولى تنكر اختصاصهم بالبنين، والآية الثانية تنكر اصطفاء البنات على البنين.
ولكن إذا قدم الاسم على الفعل صار الإنكار منصبًا على الفعل، وذلك كقولك لرجل انتحل شعرًا: أأنت قلت هذا الشعر؟ كذبت، لست ممن يحسن مثله، فأنت بهذا قد أنكرت أن يكون هو القائل ولكنك لم تنكر الشعر.
هذا هو الفرق بين تقديم الاسم، وتقديم الفعل إذا كان الفعل ماضيًا أما إذا كان الفعل مضارعًا، وأردت به الحال، كان المعنى شبيهًا بما مضى في الماضي، فإذا قلت: أتفعل؟ كان المعنى على أنك أردت أن تقرره بفعل هو يفعله، وكنت كمن يوهم أنه لا يعلم أن الفعل كائن وإذا قلت: أأنت تفعل؟ كان المعنى على أنك تريد أن تقرره بأنه الفاعل، وكان أمر الفعل في وجوده ظاهرًا، لا يحتاج إلى الإقرار بأنه كائن، أو على أنك تريد أن تنكر أن يكون هو الفاعل.
_________
(١) دلائل الإعجاز صـ ٧٨.
1 / 91