من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
من قضايا البلاغة والنقد عند عبد القادر الجرجاني
Türler
ولا بد من هذا الاعتبار في كل كلمة، ثم لا بد من اعتبار مثله في الكلمات، إذا انضم بعضها إلى بعض، لأنه قد يكون لها عند الانضمام صفة، وكذلك لكيفية إعرابها وحركاتها، وموقعها، فعلى هذا الوجه الذي ذكرناه إنما تظهر مزية الفصاحة بهذه الوجوه دون ما عداها" (١).
وهكذا ألهمه القاضي الجرجاني بفصله الذي عقده في وساطته لمواقع الكلام أن يخطو بنظرية النظم خطوة أخرى.
وربما كان أصرح مما ذكرناه وأكثر وضوحًا وأحسن شاهدًا على تمثل القاضي الجرجاني لنظرية النظم التي كانت تدور بخلده، ولا يستطيع الإفصاح عن مزاياها، قوله: "واقل الناس حظًا في هذه الصناعة (النقد) من اقتصر في اختياره ونفيه، وفي استجادته، واستسقاطه على سلامة الوزن، وإقامة الإعراب، وأداء اللغة، ثم كان همه وبغيته أن يجد لفظًا مروقًا وكلامًا مزوقًا، قد حشى تجنيسًا وترصيعًا، وشحن مطابقة وبديعًا، أو معنى غامضًا قد تعمق فيه مستخرجه وتغلغل إليه مستنبطه، ثم لا يعبأ باختلاف الترتيب، واضطراب النظم، وسوء التأليف وهلهله النسج، ولا يقابل بين الألفاظ ومعانيها، ولا يسير ما بينهما من نسب، ولا يمتحن ما يجتمعان فيه من سبب، ولا يرى
_________
(١) المغنى في أبواب التوحيد العدل الجزء السادس عشر صـ ١٩٩.
1 / 30