وأخفت أهل الشرك حتى إنه لتخافك النطف التي لم تخلق!
فقد ادعى أبو نواس أن ممدوحه قد أخاف أهل الشرك قاطبة، حتى أنه قد أخاف من لم يخلق منهم وهذا وصف مستحيل عقلًا وعادة، ولهذا فإنه غير مقبول.
وإنما يقبل العلو في حالات ثلاث:
الأولى: أن يدخل عليه ما يقربه إلى الصحة، نحو لفظة (يكاد) في قول الله تعالى: ﴿يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ فإضاءة الزيت من غير أن تمسه النار، أمر مستحيل عقلًا وعادة، ولكن الذي قربه من الإمكان لفظه (يكاد) ومن هنا كان الغلو في الآية الكريمة مقبولًا.
وفي قول ابن حمد يس الصقلي - يصف فرسًا -:
ويكاد يخرج مسرعة من ظله ... لو كان يرغب في فراق رفيق.
فخروج الفرس عن ظله من شدة السرعة وصف مستحيل عقلًا وعادة، ولكن الذي قربه إلى الصحة هو قوله (ويكاد) ولهذا كان الغلو هنا مقبولًا.
ومما يقرب الغلو إلى الصحة: لفظ (لو) و(لولا)، وحرف التشبيه، و(يخيل) وما أشبهها.