لكن قبل تلك الأحداث الهائلة، وقبل حدث انفلاق البحر، فإن «النص التوراتي يصر على حدوث البلاء بمصر قبل رحيل الإسرائيليين عنها، وكانت نذيرا سابقا للدمار الذي سببته عناصر الطبيعة التي أفلتت من عقالها ... إن الأسئلة المنطقية التي تفرض نفسها في هذا الموضع هي: هل هذه الشهادة مزيفة بأكملها؟ ... هل من الممكن ألا يكون المصريون قد لاحظوا شيئا من تلك الأحداث؟ ... هل هناك أي زلزال على الإطلاق تم ذكره في السجلات المصرية القديمة؟ إن التسجيلات المصرية التقليدية لا تحتوي على أي ذكر لهزة أرضية، ولا تحتوي على أي أثر لكوارث، ولكننا نصر ... فقد نحصل على مفتاح هام لمشكلة مستعصية، اختلف الكثيرون بشأنها واختصموا، وظلت حتى الآن ما يقرب من ألفي عام دون إجابة قاطعة» وبالفعل، ولأول مرة في التاريخ، يقدم لنا «فليكوفسكي» ما عثر عليه من وتائق وأدلة. (2-1) الوثيقة الأولى: بردية لايدن
تحت عنوان «شاهد عيان مصري يشهد بحدوث البلاء»، وبأسلوبه المتميز، يقدم لنا «فليكوفسكي» فيما يبدو أنه كشف خاص وخطير، بردية «إبيور» المعروفة ببردية لايدن، وفي قالب لا يخلو من ملابسات الغموض، وضبابية الماضي السحيق، ودخان ما قبل الكشف عن اللغز وغموض الأمر؛ بحيث يبدو كما لو كان يقلب البردية بين يديه، ويصفها وصفا دقيقا، بادئا بالقول: «ليس من المعروف تحت أية ظروف، تم العثور على البردية التي تحتوي كلمات إبيور، وطبقا لرواية أنستاسي مالكها الأول، فقد عثر عليها في منف، وهو ما يشير للمنطقة المحيطة بهرم سقارة، ثم انتقلت ملكيتها في عام 1828م إلى متحف لايدن بهولندا، وأدرجت بقائمة محتويات المتحف تحت رقم 344 لايدن ... إلخ.» وفي عجالات سريعة يشير إلى ما قدمه المتخصصون من تفسيرات بشأنها؛ فهناك من اعتبرها عملا فلسفيا، وآخر لم يجد فيها سوى مجموعة أحاجي وألغاز، وذهب ثالث إلى أنها نبوءة بأوقات شدة كانت مقبلة على مصر، لكن الوثيقة - فيما يرى «فليكوفسكي» - تنطق بلسان مبين لشاهد عيان مصري عاصر الأحداث التي سبقت الخروج بأيام أو بأسابيع، وبتطابق مبهر مع نصوص التوراة بذات الخصوص، ويبدأ بأخطر النصوص دلالة، والتي تشير بوضوح إلى كارثة أصابت الأرض، ومصحوبة بأصوات الطبيعة الهادرة:
2: 8: انظروا الأرض تدور حول نفسها كما تدور عجلة صانع الفخار.
2: 11: المدن دمرت ... وصعيد مصر أصبح يبابا.
3: 11: الكل خراب.
4: 7: انقلب المسكن في لحظة.
2: 4: سنوات من الضجيج ولا نهاية للضجيج.
6: 1: آه لو تتوقف الأرض عن الضجيج وتتقطع الجلبة.
ويعقب على مدلول «الضجيج» في البردية، بأنها «الأصوات التي تصم الآذان وعادة ما تصاحب الزلازل، ويبدو أن الهزات كانت متتابعة الحدوث مرة بعد أخرى، حتى تحولت البلاد إلى حطام وانهار نظام الدولة فجأة، وأصبحت الحياة لا يمكن احتمالها.»
ثم يدلف مباشرة إلى المقارنة بين مقاطع من البردية، وبين مقاطع من سفر الخروج التوراتي، وهي تفصح بوضوح عن ضربات «يهوه» رب التوراة لأرض مصر قبل الخروج مباشرة.
Bilinmeyen sayfa