الإهداء
ما عادت على الجسد عاديات أمراضه المتناوبة إلا وتناوب رفقتي صديقان، يذهلان لأمري عن شئون دنياهم.
جمال عقيل ووسيم فريد.
فإليهما أهدي كتابي مشفوعا بامتنان هما أهل له وإن كانا في غنى عنه. فقط هو الحب والعرفان.
سيد
ضمن هذا الكتاب يقع كتاب سبق نشره بعنوان «إسرائيل: التوراة والتاريخ والتضليل»، إضافة إلى مجموعة من الدراسات المستجدة، سواء فيما يتعلق بنقد أسفار التوراة أو بالعلاقات التاريخية للقبيلة الإسرائيلية بشعوب المنطقة، مع قراءة نقدية لخطاب الحق الديني في القدس.
تمهيد
في التجربة المستمرة للتعامل مع طروحات الأيديولوجيا الصهيونية، المؤسسة على أعمدة تاريخية ودينية قدسية، كنت على يقين دوما بمدى تهافت كثير من أعمالنا الفكرية وترنحها إزاء تلك الطروحات، رغم كم الشعارات والجمل الساخنة، والإطالة المفرطة؛ حيث كانت تلك الأعمال تلقي بنا في النهاية على حجر الفكر الصهيوني وقبضة منظومته الفكرية، بعد الإقرار لها بكل تأسيساتها التاريخية والقدسية، برداء إسلامي يعيد إنتاج عناصر الأيديولوجيا الصهيونية، وهو ناتج ضروري، ولزوم حتمي عن التسليم الإيماني بقدسية التاريخ الإسرائيلي، كمادة أولى وأساس في النص المقدس، وكمادة أولى في قانون الإيمان «بالله وملائكته ورسله وكتبه»، وكان الواضح أن أولئك الرسل جميعا من بني إسرائيل نسبا وشرفا وعقيدة، وإن تم سحب المصداقية عن مقدسهم المتداول بين الأيدي الآن بعد وصمه بالتحريف، بعد اكتشاف يهود يثرب والنبي محمد
صلى الله عليه وسلم ، اختلاف توجهاتهم على البعد الاستراتيجي؛ ومن ثم تغير التكتيك المرحلي زمن الدعوة، بالنسخ القدسي، ليتم الكشف عن الإسلام كبعد تاريخي قديم، وأن الإسلام كان مستبطنا باليهودية التاريخية؛ ومن ثم تمت إعادة التاريخ دورة كاملة إلى عهد النبي محمد
صلى الله عليه وسلم . كما تحول جميع أنبياء وملوك دولة إسرائيل القديمة إلى أنبياء مسلمين، كانوا يدعون بدعوة الإسلام، وإن ظلت الشهادات المنسوخة متواجدة بالمقدس الإسلامي، بكل تفاصيلها التاريخية الإسرائيلية كما هي في المنظومة التوراتية، وظلت التوراة بصفتها الحاملة للهدى والنور، وظلت الآيات التي تذكر بهم كشعب مختار متميز فضلهم الله على العالمين. وغير ذلك لا تجد سوى تنويعات عروبية نادرة ويتيمة، عن القرى العربية البائدة، وأنبياء مثل هود وصالح. أما النسب الإسلامي والعربي فقد ظل بدوره إسرائيليا، بإعلان نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، أنه الحفيد النبوي الأخير لسلسلة عبرانية استعربت بعد إبراهيم، باستعراب ولده إسماعيل، واكتسابه الجنسية العربية بسكناه بلاد الحجاز، عبورا على عمومة مؤكدة لإسحاق شقيق إسماعيل، الذي أنجب إسرائيل (يعقوب) وبنيه وسلساله الطويل من أنبياء توارثوا النبوة خلفا عن سلف.
Bilinmeyen sayfa