بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المؤلف

الحمد لله على نعمه التي لا تحصى والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أسري به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى هذا جزء جمعته في شرح قصة الإسراء بالغت في إتقانه، ورتبته على أربعة فصول:

الأول: في سرد الأحاديث الواردة فيه، ليعرف اختلاف الأخبار بألفاظها.

الثاني: في حقيقته، وهل هو يقظة أو منام، وهل وقع مرة أو مرتين أو أكثر وهل المعراج والإسراء سيان أو غيران.

الثالث: في تاريخه الزماني والمكاني.

الرابع: في نكته الفائقة.

وسميته "الآية الكبرى " في شرح قصة الإسراء، والله أسأل قبوله والإثابة عليه، وأن يحظينا بالزلفى لديه، بمنه ويمنه.

أحاديث الاسراء والمعراج

الفصل الأول

في سرد الأحاديث الواردة فيه

(الحديث الأول)

ولبندأ بأجودها وأتقنها، وهو حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فإنه جوده وأتقنه فسلم مما في غيره من التعارض.

قال مسلم:

حدثنا شيبان بن فروخ، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني عن أنس رضي اله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قال:

Sayfa 1

" أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمال دون الغل، يضع حافره عند منتهى طرفه قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل ( عليه السلام) بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة.

ثم عرج بنا الى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل؛ فقيل من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: بعث إليه: ففتح لنا فإذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لي بخير ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل، فقيل من أنت؟ فقال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: قد بعث إليه؟ قال: بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بابنى الخالة عيس بن مريم ويحيى بن زكريا، فرحبا بي ودعوا لي بخير.

ثم عرج بنا الى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ فقال: جبريل : قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث اليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا، فإذا انا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب بي ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا الى السماء الرابعة: فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعص إليه؟ قال: قد بعث الله إليه. ففتح لنا، فإذا أنا بأدريس، فرحب بي ودعا لي بخير.

قال الله تعالى:{ ورفعناه مكانا عليا} مريم /57.

ثم عرج بنا الى السماء الخامسة فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بهارون، فرحب بي ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا الى السماء السادسة، فاستفتح جبيرل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قالك محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا، فإذا انا بموسى فرحب بي ودعا لي بخير.

Sayfa 2

ثم عرج بنا الى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك. قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم مسندا ظهره الى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون اليه، ثم ذهب بي الى سدرة المنتهى فإذا ورقها كآذان الفيل، وإذا ثمرها كالقلال، قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها، قال: فأوحى الى ما أوحى، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت حتى انتهيت الى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة. قال: ارجع الى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت الى ربي، فقلت: يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا. فرجعت الى موسى فقلت: حط عني خمسا. قال: إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع الى ربك فسأله التخفيف. قال : فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى حتى قال: يا محم إنهن خمس صلوات لكل يوم وليلة لكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا، ومن هم بشيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا، فإن عملها كتبت سيئة واحدة. فنزلت حتى انتهيت الى موسى فاخبرته، فقال: ارجع الى ربك فاسأله التخفيف. فقلت: قد رجعت الى ربي حتى حتى استحييت منه" هذا سياق مسلم في صحيحه (كتاب الايمان /162) 1م145 ح 259.

(الحديث الثاني)

قال البخاري:

حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يحدث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:

" فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل ففرج صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلىء حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري، ثم أطبقه.

Sayfa 3

ثم أخذ بيدي فعرج بي الى السماء، فلما جئت الى السماء الدنيا، قال: جبريل لخازن السماء: افتح، قال: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد. فقال: أأرسل اليه؟ قال: نهم. فلما فتح علونا السماء الدنيا فإذا برجل قاعد، على يمينه أسودة، وعلى يساره أسودة، إذا نظر قبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى، فقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه، فاهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار فإذا نظر عن يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى. حتى عرج بنا الى السماء الثانية، فقال لخازنها: افتح. فقال له خازنها مثل ما قال الأول ففتح.

قال أنس: فذكر أنه وجد في السماوات آدم، وإدريس، وموسى، وعيسى، وإبراهيم صلوات الله عليهم ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة، قال أنس: فلما مر جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإدريس قال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس. ثم مررت بموسى فقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح. قلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. ثم مررت بعيسى فقال: مرحبا بالخ الصالح والنبي الصالح. قلت: من هذا؟ قال: عيسى. ثم مررت بإبراهيم: فقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح. قلت: من هذا؟ قال: إبراهيم.

Sayfa 4

ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، ففرض الله تعالى على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى، فقال: ما فرض الله على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال: فارجع الى ربك فإن أمتك لا تطيق فرجعت فوضع شطرها، فرجعت الى موسى قلت: وضع شطرها، قال: ارجع الى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته فقال: هي خمس وهي خمسون لا يبدل القول لدي. فرجعت الى موسى قال: ارجع الى ربك. قلت: قد استحييت من ربي ثم انطلق بي حتى انتهى الى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا تربها المسك". والحديث أخرجه البخاري:

كتاب الصلاة (باب كيف فرضت الصلاة)

فتح (ريان) 1م547 ح 349

كتاب الحج: ( باب ما جاء في زمزم ح 1636) مختصرا.

كتاب الأنبياء ( باب ذكر إدريس عليه السلام ح 3342).

(الحديث الثالث)

وقال البخاري أيضا:

حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله، حدثني سليمان وهو ابن بلال عن شريك بن عبدالله يعني ابن أبي نمر قال: سمعت أنس بن مالك يقول:

" ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مسجد الكعبة جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام، فقل أولهم: أيهم هو؟ فقال: أوسطهم: هو خيرهم، فقال آخرهم: خذوا خيرهم، وكانت تلك الليلة فلم يرهم، حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم، فتولاه منهم جبريل فشق جبريل ما بين نحره الى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه، ثم أتى بطست من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره ولغاديده يعني عروق حلقه ثم أطبقه.

Sayfa 5