İsmail Kasım Hayat ve Edebiyat Kortejinde
إسماعيل عاصم في موكب الحياة والأدب
Türler
ولقد زعم حضرته بعد ذلك أن جمعية المقاصد الخيرية كانت أساس الثورة والمفاسد، ونحن نقول له لقد وهمت؛ فإن جمعية يكون رئيسها حسين باشا الدرملي وأعضاؤها أمثال أحمد باشا السيوفي وأخيه لا يقال إنها أساس الثورة والمفاسد.
وأما ما ذكره عن جمعية مصر الفتاة فغلط منه نجم عن خطأ مطبعي تبدل فيه لفظ الخديوي السابق بالأسبق، والحقيقة أن اللائحة طبعت وتقدمت من الجمعية إلى المرحوم توفيق باشا، ولا يزال أغلب أعضاء الجمعية أحياء إلى الآن، وهم يؤيدون قولنا ويردون زميلنا عن نكرانه، ولما كان حضرته من الأذكياء البارعين كما نظن، فلا يليق به أن يجنح إلى تحريف مطبعي يدل على صحته سياق الحديث من قبل؛ إذ ورد ذكر الخديوي السابق قبل هذا التحريف بأسطر قليلة، وهنا قال إن الخديوي الأسبق لو كان علم بوجود جمعية من هذا القبيل لخسف بها الأرض، وهذا التعبير - كما لا يخفى - من قبيل الإغراق؛ لأنه ليس في طاقة فرد من أفراد البشر كيفما كانت درجته أن يخسف الأرض بقوم، ولكننا نقول له هذا من قبيل «بح صوته وجف ريقه»، وإن كان ما بين الاثنين كما بين الأرض والسماء.
ولقد أنكر ما جاء في انتقاده من السخرية بذهاب الخطيب إلى أوروبا وإلقائه الخطب هناك، ونحن نعيد الآن عليه قوله لنذكره به خوفا من أن يكون قد نسيه، قال «على أن مصر ما رأت فائدة من تلك الخطب»، «إن تحرير الوطن وإسعاد البلاد لا يكون بذهاب الشبان ليخطبوا في أوروبا، وهي في شاغل عنهم، وقد رأينا عقباها كما سبق الذكر، ولا بالشقشقة بين بعض الناس فيسخر بنا الحكماء ... إلخ»، «وحينئذ فالخطب التي نسمع بها أو نقرأها في جرائدنا إثمها أكبر من نفعها، كما هو رأي العقلاء في مصر.» فإن كان حضرته قد نسي ذلك كله فها نحن نذكره به، وإن كان لم يزل يتذكره ولا يعتبره من قبيل السخرية فليقل لنا ما هي السخرية، وعلى أي محمل تحمل.
أما أن أوروبا عالمة ببلادنا وما فيها، فهذا أمر بديهي لا يحتاج إلى نقض وإبرام، ولكنا لا نريد بذهاب النابغين من بلادنا للخطابة هنالك مبينين غدر الإنكليز ونكثهم للعهود، واستعدادنا لتولي أمورنا بأنفسنا تحت رقابة الدول وإشراف أنظارهم حتى تخلص مصر من أثقال ديونها، أن يذهب أولئك الناشئون فيقولوا للغربيين إن مصر ملأى بالمعادن والخيرات، وأرضها جيدة المنبت خصبة التربة كما يفتكر صاحبنا الفاضل، بل نريدهم أن يفهموا الملأ هنالك أعمال الإنكليز واستعداد المصريين وشعورهم، وأين هذا مما ذهب إليه حضرته من التكلم عن المعادن والأطيان والعقارات. حقا إن زميلنا لمناظر ماهر ومنطيق قوي الحجة والعارضة.
وكنا نود أن يكون حضرته واقفا على ما يكتب في الظاهر كل يوم؛ ليعلم أننا لم نهمل شيئا من التحذير والنصح والإرشاد، وأننا نبهنا الذين يقصدون أوروبا غير مرة إلى اجتناب التبذير وإضاعة الأوقات سدى، في حين أن البلاد تنتظر منهم العودة بالمعارف والآداب والمدنية النافعة.
ثم تمشى زميلنا الذي يراعي دائما حرمة الذوق والأدب، والذي يحترم شعور الناس، والذي يقدر العاملين النافعين حق قدرهم، والذي لا ينطق إلا بالحكمة والصواب إلى التكلم عن سعادة الخطيب «الوحيد» «الفريد»، وفتحه مدرسته بما يدل على أن حضرته يقدر همة خطيبنا الغيور حق قدرها؛ حيث قال في موضع الاستخفاف والهزء: «قلتم إن سعادة الخطيب جعل نفسه قدوة لغيره، فأنشأ مدرسة باسمه، ونحن لم نعب عليه هذا العمل المبرور، بل شكرنا سعادته عليه، كما شكرنا قبله سعادة محمد أمين بك منشئ مدرسة باب الخلق وحضرة الشيخ دسوقي بدر منشئ مدرسة سوق السلاح، والست روجينا منشئة مدرسة حسن المسرات وأمثالهم الكرماء الذين أفادوا مصر واستفادوا منها بمدارسهم.» ولا يخفى أن المدارس المذكورة هنا أراد أصحابها بإنشائها مجرد المنفعة الشخصية، ومنشئوها ممن لم يتخرجوا تخرج الأكفاء لإدارة المدارس وتربية الأحداث تربية صحيحة قويمة. فالخلط بين ذكر مصطفى كامل باشا وهؤلاء الناس مما يعتبر في عرف النقادين خروجا عن حد اللائق.
وبعد ذلك تبرأ من دعوته إلى ملاينة المحتلين ومحاسنتهم، وما كاد ينتهي من التبرؤ حتى عاد إلى دعوته الأولى، فنحن نضرب صفحا عنها؛ لأنها خارجة عن سياق الحديث ومحشوة بألفاظ ينبغي أن تقال في أماكنها، وما أوردناها بعدد أمس إلا ليعلم الناس أننا غير ملومين إذا ضربنا صفحا بعد اليوم عن مناقشة رجل يصل به الأمر إلى أن يستشهد بأقوال الحشاشين في قهاويهم ومجتمعاتهم، ولعله يعذرنا إذا نسبناه إلى «النكتة» فيما يقول، وقد أوضحنا له ما يجب عليه وعلى كل وطني فيه دم ذكي وشعور شريف وإحساس رقيق.
أما أن الجناب العالي والوزراء يسافرون إلى أوروبا فلدواعي مصالحهم، وليس لحضرة المحامي من داع يحمله على السفر إلى لوندرة وليس في وسعنا أن نطيل فوق هذا؛ لأننا سئمنا الكتابة في موضوع تافه مثل هذا، لا سيما ومقال الرجل مملوء بالأغلاط الرسمية واللغوية.
من ذلك أنه كرر كلمة العامود عدة مرار مرسومة هكذا بالألف، وصوابها عمود، وقال الاتفاقية الشعواء ولا مناسبة بين الكلمتين؛ لأن معنى الشعواء الفاشية المتفرقة فيقال غارة شعواء مثلا، ونسب بيت أبي نواس المشهور:
ليس على الله بمستنكر
Bilinmeyen sayfa