İslam ve İnsan Medeniyeti
الإسلام والحضارة الإنسانية
Türler
John Gunther
كتابا عن «داخل أفريقيا» على مثال كتبه عن داخل أوروبا، وداخل آسيا وداخل أمريكا اللاتينية وداخل الولايات المتحدة، وتكلم عن أفريقيا الاستوائية التابعة لفرنسا، فقال: إن شعوبها لا تطلب الآن على الأقل أن تنفصل من فرنسا، بل لعلها تتطلب زيادة الاتصال بها؛ لأنها معدودة من الفرنسيين، ولها حقوق انتخابية تخولها أن ترسل المندوبين عنها إلى برلمان باريس، ثم قال: إن هذه الشعوب تخالف الشعوب الأفريقية في الشمال؛ لأن هذه تطلب الانفصال، ولا ترضى بالاندماج في بنية الشعب الفرنسي، ولا بالسياسة التي سماها تدريب الأفريقيين على أن «يصبحوا فرنسيين!»
ما الفارق بين الشعوب الاستوائية والشعوب الإفريقية التي تقيم على شواطئ البحر الأبيض المتوسط أو على مقربة منها؟
الفارق هو الحضارة الإسلامية العريقة، فهذه الحضارة قد حفظت لكل أمة تحضرت بها «كيانا» قويا لا يسهل هضمه وإدماجه في كيان آخر أجنبي عنه، وهذا الكيان القوي هو الذي وقف في وجه الاستعمار حيث كان، واستفاد منه المسلمون وغير المسلمين؛ لأن الاستعمار خطر على الأمم الشرقية جميعا من كل نحلة وبغير فارق بين الأديان والأجناس.
وهذه المقاومة القوية هي التي يسميها المستعمرون جمودا من المسلمين في وجه التقدم والارتقاء، وليست هي في الواقع جمودا من هذا القبيل، ولكنها محافظة على «الكيان القومي» يحميه أن يقع فريسة سهلة بين براثن المستعمرين، ويستفيد منه ضحايا الاستعمار في مختلف الأقوام والأديان.
ولكن الاستعمار السياسي - على خطره - لا يصيب الأمم في مقاتلها كما يصيبها الاستعمار الذي يشمل العقائد والأخلاق والعادات والنظم الاجتماعية، فإن هذا الاستعمار يصيب الأمة في كيانها الصميم، ولا يبقى لها بعد ذلك «شخصية» تذود بها خطرا يهددها في حاضرها أو مستقبلها. •••
والأمم الإسلامية أشد الأمم تعرضا لعداوة هذا الاستعمار الذي يعادي جميع الأديان في الواقع، ولكنه يعادي الدين الإسلامي بصفة خاصة؛ لأنه نظام اجتماعي وآداب معيشية في وقت واحد، وله مبادئ فكرية كالمبادئ التي يسمونها في العصر الحاضر بالأيديولوجي
Ideology
تقوم عليها الآداب والعلاقات كما تقوم عليها عقائد الدين ووجهات النظر إلى أصول الحياة.
لهذا كانت كراهة الاستعمار الشيوعي للأمم الإسلامية كراهة مضاعفة؛ لأنه يجد فيها عقبات في وجه السيادة الأجنبية وعقبات أخرى في وجه العقائد والآداب التي يفرضها عليها مخالفة للدين، ويحاول أن يلغي مبادئها الفكرية والخلقية بمبادئ أخرى تناقضها، وتهدمها، ولا تبقى بقية منها صالحة لمقاومة أو متشبثة بكيان.
Bilinmeyen sayfa