İslam ve Arap Medeniyeti
الإسلام والحضارة العربية
Türler
4
وما نظن أمم أوروبا كلها أخرجت في فن التاريخ حتى اليوم كثيرا من عيار ابن خلدون واضع فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع.
يقول جوتيه: إن الشريف الإدريسي الجغرافي كان أستاذ الجغرافيا الذي علم أوروبا هذا العلم لا بطلميوس، ودام معلما لها مدة ثلاثة قرون، ولم يكن لأوروبا مصور للعالم إلا ما رسمه الإدريسي، وهو خلاصة علوم العرب في هذا الفن، ولم يقع الإدريسي في الأغلاط التي وقع فيها بطلميوس في هذا الباب، قال: من دار حول إفريقية؟ فاسكودي جاما، ومن كشف أميركا؟ خريستوف كولمبس، ومن السهل أن يدرك أن هذين الكشفين اللذين فاقا جميع ما تقدمهما قد تما على أيدي بحارة من العرب، وكان تحقيقهما متعذرا بدون ارتقاء علم الجغرافيا عند العرب، وتم هذان الكشفان العظيمان بعقول العرب وموادهم وأشخاصهم تحت إمرة النصارى، إلى آخر ما قال.
الفنون التي اهتمت العرب بها
أما الشعر القصصي والتمثيلي فلم يزاولهما العرب؛ لأنهم أصحاب بديهة وارتجال،
5
وقد شغلوا بأنفسهم عن النظر فيما عداهم، وهم أشد الناس اختصارا للقول، والشعر القصصي يحتاج إلى التطويل والتحليل، وحرمتهم طبيعة أرضهم وبساطة دينهم وضيق خيالهم واعتقادهم بوحدانية إلههم كثرة الأساطير، وهي من أغزر مواد الشعر القصصي، فزخرت بحور الشعر العربي بالفخر والحماسة والمدح والهجاء والرثاء والعتاب والغزل والوصف والاعتذار والحكمة، وخلا مع اتساعه وتشعب أغراضه من الملاحم
6
المطولة التي تعلن المفاخر القومية، وتشيد بذكر الأبطال والفروسية كالإلياذة لليونان، والإنبياد للرومان، ومهابهاراتة للهنود، والشاهنامة للفرس.
وإذا عير العرب بفقر خيالهم، فقد اشتغلوا بعلوم أنفع لهم ولمجتمعهم من الشعر القصصي والتمثيلي، اشتغلوا بعلم الفلك حتى قال دلامبر في تاريخ هذا العلم: إننا إذا أحصينا راصدين أو ثلاثة من الروم رحنا نعد كثيرين من العرب في هذا الفن، مما دل على بعد غورهم في علم الأفلاك. وقال بيكوردين: نشأت مكانة علم الفلك عند العرب من توسع الرياضيين منهم في الحساب؛ لأنهم اخترعوا أساس حساب المثلثات، وحقق العرب طول محيط الأرض، بما كان لهم من الأدوات، وأخذوا ارتفاع القطب ودور كرة الأرض المحيطة بالبر والبحر، وحققوا طول البحر المتوسط الذي قدره بطلميوس ب 12 درجة، فأرجعوه إلى 54 أولا ثم إلى 42 أي إلى الصحيح من مقداره تقريبا، وجمع المأمون بعض حكماء عصره على صنعة الصورة التي نسبت إليه، ودعيت الصورة المأمونية، صوروا فيها العالم بأفلاكه ونجومه وبره وبحره وعامره وغامره، ومساكن الأمم والمدن إلى غير ذلك، وهي أحسن مما تقدمها من جغرافية بطلميوس وجغرافية مارينوس، وضع له علماء رسم الأرض - وكانوا سبعين رجلا من فلاسفة العراق - كتابا في الجغرافية أعان عمال الدولة على معرفة البلاد والأمم التي أظلتها الراية العباسية، هذا إلى عنايته بالفلك، وفلكيه الفزاري أول من استعمل الأسطرلاب من العرب. وأقاموا المراصد الفلكية في بغداد والرقة ودمشق والقاهرة وسمرقند وقرطبة وفاس، ونظروا في المجسطي لبطلميوس في الفلك وعملوا جداول فلكية مدققة.
Bilinmeyen sayfa