İslam ve Arap Medeniyeti
الإسلام والحضارة العربية
Türler
هذا ما كان من أمر المسلمين في معاملتهم لمن أظلوهم بسيوفهم، لم يفعلوا شيئا سوى أنهم حملوا إلى أولئك الأقوام كتاب الله وشريعته، وألقوا ذلك بين أيديهم وتركوا الخيار لهم في القبول وعدمه، ولم يقوموا بينهم
9
بدعوة، ولم يستعملوا لإكراههم عليه شيئا من القوة، وما كان من الجزية لم يكن مما يثقل أداؤه على من ضربت عليه، فما الذي أقبل بأهل الأديان المختلفة على الإسلام وأقنعهم أنه الحق دون ما كان لديهم، حتى دخلوا فيه أفواجا، وبذلوا في خدمته ما لم يبذل له العرب أنفسهم. ا.ه.
معاملة اليهود والنصارى والعناية بالنصارى خاصة
مثال آخر من هذه المسامحة، كان بين المغانم التي غنمها المسلمون في وقعة خيبر صحائف متعددة من التوراة، فلما جاء اليهود يطلبونها أمر النبي بتسليمها لهم، فأخذ اليهود
10
يشيرون إلى الرسول بالبنان ويحفظون له هذه اليد؛ «لأنه لم يتعرض لصحفهم المقدسة، ويذكرون بإزاء ذلك ما فعله الرومان حين تغلبوا على أورشليم وفتحوها سنة 70ق.م؛ إذ حرقوا الكتب المقدسة وداسوها بأرجلهم، وما فعله المتعصبون من النصارى في حروب اضطهاد اليهود في الأندلس، وقد أحرقوا أيضا صحف التوراة، هذا هو البون الشاسع بين الفاتحين ممن ذكرناهم وبين رسول الإسلام.»
ولو لم يشتط اليهود في الحجاز بالنيل من المسلمين، لما طالت إليهم يد مسلم بأذى، ولكان حظهم من ذمة العرب حظ سكان نجران من نصارى اليمن؛ فقد صالحهم الرسول سنة عشر صلحا على الفيء وعلى أن يتقاسموا العشر ونصف العشر، وجاء في كتاب الصلح «ولا يفتن أسقف عن أسقفيته ولا راهب عن رهبانيته.» واشترط عليهم أن لا يأكلوا الربا فعاشوا بسلام ما حافظوا على العهد، فلما استخلف عمر بن الخطاب أصابوا الربا فأجلاهم، واشترى منهم أرضهم ووصى بهم أهل الشام والعراق، ليوسعوهم من حرث الأرض، وما اعتملوا من شيء فهو لهم مكان أرضهم باليمن، ويقول المؤرخون: إن أهل نجران كانوا قد بلغوا أربعين ألفا فتحاسدوا بينهم، فأتوا عمر بن الخطاب فقالوا: أجلنا فاغتنمها، فأجلاهم فندموا بعد ذلك. نعم، إن عمر
11
لم يرهب فارس والروم بفرش الديباج، وبسط الحرير، وكئوس الجواهر، والخيول المسومة، والبيوت الشاهقة، والأقواس المذهبة، إنما أرهبهم بالعدل المحض، وأفخم شوس رجالهم بالحكمة البالغة، ألا وهي شريعة سيد الحكماء، ويقول أبو عبيد في كتاب الأموال: إن الرسول قال: لأخرجن اليهود والنصارى عن جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما، بيد أن نصارى نجران رأوا كل رعاية؛ لأنهم راعوا العهد في الجملة ولم يعبثوا بأمر الأمة القائمة، وكانوا أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب، وفي التنزيل
Bilinmeyen sayfa