İslam Şerikan: İslam ve Müslümanlar Üzerine Çalışmalar
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Türler
وأشهر تلك المنظمات هي جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في مصر في أواخر العشرينيات وتحولت في خلال الأربعينيات إلى حركة جماهيرية واسعة. ثم دخلت في صراع مع عبد الناصر الذي ضربها بقوة، ولكنها انتشرت في بلاد أخرى وما زالت قائمة في مصر على عهد السادات. ومع ذلك فلم يعد الإخوان المسلمون يمسكون بزمام الحركة الإسلامية؛ إذ يوجد إلى جانبهم عدد كبير من الحركات الصغيرة التي تفوقهم عنفا وتطرفا، مثل الحركة التي عرفت باسم «جماعة التكفير والهجرة»، وهي تكفر المجتمع القائم وتدعو إلى الهجرة بعيدا عنه. وقد تحولت الأصولية عند هذه الجماعة إلى «نحلة» أو «فرقة»، فأعضاؤها لا يتزوجون إلا من داخل الجماعة؛ إذ لا يعترفون بوجود مسلمين إلا في جماعتهم، ويعتبرون كل من عداهم من الكفار. وهم يرفضون قبل كل شيء أن تكون لهم أي علاقة مع الدولة المصرية، ويحظرون على أبنائهم دخول المدارس الحكومية أو الالتحاق بالخدمة العسكرية. وهدفهم هو تدمير الدولة وتدبير الخطط ووسائل العنف اللازمة لذلك، بل لقد قاموا بالفعل بتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية.
10
وحركة المقاومة الدينية التي دخلت في سوريا في صراع شديد مع الحكومة تحت اسم «الإخوان المسلمين» تدل على وجود مثل هذه الظاهرة وارتباطها في عدد من البلاد الإسلامية بحركات مشابهة.
ومن الواضح أن خيبة الأمل الكبيرة وراء هذه التطورات تتمثل في ثورة الغضب على أسلوب الحياة الحديث كله، والسخط على «المجتمع الاستهلاكي» الذي لا يقوم على أسس أخلاقية، والبحث عن «حياة بديلة» أصبحنا نبحث عنها أيضا في أوروبا وأمريكا. وتبقى لهذه الأشكال المتطرفة أهميتها كأعراض مرضية قبل كل شيء، لأنها لم تكن لتظهر أصلا لو لم توجد مواقف وحركات أخرى مقاربة لها - وإن تكن أقل منها تطرفا - في دوائر شعبية واسعة، لا سيما بين الشباب.
وتحاول حكومات الدول «الدنيوية» بطبيعة الحال أن تقمع الحركات المتطرفة، كما تحاول في الوقت نفسه أن تستجيب لحاجة الطبقات الشعبية العريضة إلى تحقيق هويتها الإسلامية، وذلك لإبعادها عن التطرف وتقريبها من الدولة. ويتضح هذا بالفعل في نصوص الدساتير، وذلك باستثناء الدولة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة وهي تركيا التي ينص دستورها على أنها علمانية ولا تفسح للدين أي مكان في مؤسساتها الرسمية.
وأما في إندونيسيا فنجد الدستور ينص على نوع من الارتباط العام بالدين، وذلك عندما يعلن أن الإيمان بالله هو الأساس الذي تقوم عليه الدولة. ونلاحظ باستثناء هاتين الدولتين أن القاعدة العامة هي النص على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وذلك حتى في البلد المصبوغ بصبغة ماركسية واضحة، وهو اليمن الجنوبي (راجع دستور الجمهورية الشعبية اليمنية الذي يرجع لعام 1970م، المادة 46).
11
أما في سوريا، التي يحافظ فيها عدد كبير من السياسيين على التراث العلماني، فقد تحاشى الدستور منذ وقت طويل الإعلان عن دين الدولة، وإن كان قد اشترط أن يكون رئيس الدولة المنتخب مسلما، كما نص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر، أو أحد مصادر، التشريع الأساسية. وقد مر وقت على سوريا منعت فيه الإشارة في الدستور إلى دين رئيس الدولة (دستور 1969م). وفي مصر لم ينص على دين الدولة (دستور الجمهورية العربية المتحدة لعام 1958م)، ولكن الدولة اضطرت بعد ذلك في كلتا الحالتين إلى النص على أن دين الدولة هو الإسلام، وذلك ترضية للشعب واستجابة لمشاعره.
وطبيعي ألا تقنع الحركات الإسلامية بالاكتفاء بالنص على الإسلام في الدساتير، فمطالبتها «بأسلمة» المجتمع والسياسة والدولة (أو صبغها بالصبغة الإسلامية) تذهب إلى أبعد من ذلك، وعلى الرغم من تفرق أهدافها وعدم وضوحها، فإنها تمارس على الحكومات ضغوطا شديدة. ومع ذلك فهناك حدود تقف عندها هذه الضغوط مهما كان تأثيرها ، وثمة حقائق واقعية تصد محاولات الأسلمة أو تعمل على الأقل على التصرف معها بطرق مختلفة.
لنلق الآن نظرة أخرى على مصر. فبعد وفاة عبد الناصر ساد جو بدا مناسبا ل «الأسلمة». صحيح أن دستور سنة 1971م قد أعلن - بشكل حذر نسبيا - أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع» (المادة رقم 2)، ولكن ذلك فتح الباب أمام المطالبة الملحة بجعل الشريعة الإسلامية نفسها هي أساس التشريع بأكمله. ولما بلغت الإثارة ذروتها في سنة 1977م، وساد الانطباع بأن الحكومة ستنظر في تلك المطالب، أعلن الأقباط احتجاجهم بكل حزم. وقد اعترضوا بوجه عام على أسلمة التشريع وبوجه خاص على المناقشات التي دارت حول تنفيذ عقوبة الإعدام في حالة الارتداد عن الإسلام، وهو إجراء لم يكن في الحقيقة موجها ضد المسلم المرتد عن دينه، لأن هذا أمر لا وجود له من الناحية العملية، بقدر ما تصور الأقباط أنه موجه ضد المسيحيين الذين كانوا لأسباب شخصية بحتة يتحولون بصورة مؤقتة إلى الإسلام، وذلك - على سبيل المثال - لتيسير أحوال الطلاق، وسرعان ما نبه الاحتجاج القوي للكنيسة القبطية كبار المسئولين في الدولة إلى وضع حد لأي إثارة لهذه النقطة. ومع أن حركات الإثارة من جانب الإسلاميين المتطرفين لم تتوقف، فإنهم لم يستطيعوا في سنة 1979م منع إصدار مجموعة من التعديلات المهمة في قانون الأحوال الشخصية لتحسين أوضاع المرأة فيما يتعلق بتعدد الزوجات، والطلاق، وسلطة الزوج ... إلخ (وهي التي صدر بها القانون رقم 44 لسنة 1979م)، وقد أكدت الحكومة تأكيدا «قاطعا» أن التعديلات الجديدة لا تتعارض مع تعاليم الشرع، وطالبت أكبر علماء الدين بتأييدها، ومن الواضح أن جميع الاجتهادات الحديثة في التفسير قد طبقت بغية الوصول إلى حلول متطورة.
Bilinmeyen sayfa