İslam Şerikan: İslam ve Müslümanlar Üzerine Çalışmalar
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Türler
هذا المألوف وهذا السند الخاص - بالنسبة للشعوب الإسلامية - هو الدين الإسلامي.
وليس هذا شيئا جديدا على الجماهير العريضة؛ إذ كان الإسلام دائما هو العلامة الأساسية المميزة لهويتها الجماعية، وكان الانتماء للجماعات الدنيوية الأخرى، كالوطن أو الطبقة، أمرا ثانويا يضاف للانتماء الإسلامي. أما الشعوب التي لا توجد بها أقليات دينية تستحق الذكر، فيلتقي عندها الوعي الوطني والهوية الدينية في وحدة واحدة، ويصدق هذا أيضا على الوعي الطبقي، خصوصا عندما تبدو الطبقات العالية متغربة ومنبتة عن الإسلام. وتنشأ الصراعات بين الهويات المختلفة عندما يعلن أبناء الديانات الأخرى انتماءهم الصريح للوطن أو للطبقة، ولكن هذه الصراعات ظلت تكبت بوجه عام، بحيث لا يتم حسمها بوضوح ولا توجيهها وجهة جديدة.
وتختلف الظروف عن ذلك بالنسبة للمثقفين؛ إذ تميل هذه الفئة بحكم طبيعتها للتأمل في إشكالية التطورات الحديثة. لذلك سرعان ما أدرك المثقفون ضرورة التعلم من الأجانب المتفوقين والتكيف مع نظامهم العالمي الجديد ولو في حدود معينة، بينما أحسوا في الوقت نفسه بالحاجة الشديدة للجوء إلى «السند الخاص». وقد أدى الوعي بهذه المعضلة إلى مناقشات وخلافات في الرأي يمكن أن نميز فيها أربعة اتجاهات رئيسية،
5
وإن لم يكن من المستطاع الفصل بينها في الحالات الفردية فصلا قاطعا: (1)
الاتجاه الأول هو اتجاه أصحاب «النزعة التراثية» أو النزعة التقليدية الذين يسعون بكل ما في وسعهم للحفاظ على النتائج التي توصل إليها العصر الوسيط الإسلامي، وهذا الموقف المحبب إلى أصحاب التدين الفطري من أبناء الطبقات الشعبية العريضة يمثله علماء الدين بصور متفاوتة في فاعليتها. وهذه الفئة التي شغل أصحابها مراكز مرموقة وقوية التأثير في المجتمع التقليدي، تجد نفسها في الوقت الحاضر وقد زحزحت عن أماكنها، ويكفي لكي نفهم موقفها أن نفكر في النظام القانوني والقضائي وفي نظام التعليم. والواقع أن كل ما يهم هذه الفئة هو استعادة تأثيرها القديم. (2)
أصحاب «النزعة الأصولية»، وينبغي أن نفرق بين أصحاب هذه النزعة وبين الممثلين للنزعة السابقة (التراثية أو التقليدية)؛ لأن الأصوليين بوجه عام ينفرون من علماء الدين التقليديين، بل ويحملونهم إلى حد كبير مسئولية الأوضاع المتردية للمسلمين. ويرجع السبب في هذا إلى أن الأصوليين يرفضون التاريخ (الإسلامي) الوسيط، ويرون أنه يمثل عملية تدهور مستمر للإسلام. ولهذا يدعون للرجوع إلى «الإسلام الأصلي» كما بلغ النبي (عليه الصلاة والسلام) رسالته وأدى أمانته وحققه في عهده. ولما كانت الأصولية تعد الناس بتغييرات حاسمة، فقد عملت في أحيان كثيرة على تكوين منظمات نشطة وحركات شعبية ذات تأثير واسع. ويتميز الاتجاه الأصولي بتقديره لدور التعليم الحديث، ولذلك نجد بين أنصاره عددا كبيرا من المهندسين والأطباء والضباط والمعلمين ... إلخ، وقبل كل شيء من طلاب الجامعات الحديثة. (3)
أصحاب الاتجاه «الحداثي» يتفقون مع أصحاب الاتجاه الأصولي السابق في رفض التاريخ الإسلامي الوسيط، ولكنهم لا يرفضونه رغبة منهم في إحياء «الإسلام الأصلي» والرجوع إليه، بل للتحرر من عبئه التاريخي الضخم، ومحاولة تحقيق مبادئ الإسلام المتعالية على التاريخ في العصر الحاضر. ويكافح أفضل ممثلي الاتجاه الحداثي لتفسير الإسلام تفسيرا جديدا ونابعا من المعارف المكتسبة في العصر الحاضر ومن حاجاته الملحة. لا شك في أن هذه مهمة صعبة، وأنها تقابل في كثير من الأحيان بالسخط والنفور من جانب الشعب. ويكتفي بعض السطحيين من الحداثيين بنوع من التنوير الرومانسي للإسلام، فيؤكدون - بنبرة دفاعية - أن الإسلام ينطوي منذ نشأته على العقلانية، والعلم الحديث، والديموقراطية، والاشتراكية ... إلخ، بحيث لا يحتاج المسلمون إلا لإحياء هذه العناصر الكامنة في دينهم وبعث النشاط فيها لكي يثبتوا وجودهم في العالم. (4)
وهناك عدد لا يستهان به من المثقفين المسلمين الذين يتبنون «الاتجاه العلماني» ويؤمنون بأن على الإنسان في العالم الحديث أن يهتدي في كثير من مجالات العمل والحياة بالأطر الدنيوية والعلمانية، ويرى عدد كبير من العلمانيين ألا تناقض بين الدعوة لهذا الاتجاه وبين إيمانهم الشخصي بالإسلام، فهم يفصلون مجال الدين عن مجال العلم والعالم، على نحو ما تعلمنا، نحن المسيحيين، أن نفعل منذ زمن طويل. ولكن من الطبيعي أن نجد بين العلمانيين من لا يعنيهم الدين في شيء، أو من يرفضونه وينكرونه تماما.
إن العلمانيين والحداثيين يبذلون جهودهم لتقديم أفكار وتصورات تؤدي إلى التماهي مع الجماعات العلمانية كالوطن والطبقة. ولكن المثقفين والسياسيين من أصحاب الاتجاهين السابقين قد أصبحوا اليوم ضحايا خيبة الأمل الكبيرة في النتائج التي تمخضت عنها التطورات الحديثة، ولذلك يتهمون - باعتبارهم يمثلون النخب المثقفة ثقافة غربية - بتحمل قدر كبير من الذنب أو من المسئولية عما حدث من فشل أو تراجع وانتكاس. ولهذا يميل اليوم عدد كبير من ممثلي هذه النخب إلى مداراة العناصر العلمانية في أفكارهم ومشروعاتهم وتأكيد العناصر الإسلامية بصورة متزايدة، إما كإجراء «تكتيكي»، وإما عن اقتناع بضرورة الاقتراب من الجماهير وبأن لا سبيل لتحقيق أي تقدم ملموس إلا بالوقوف مع الشعب لا ضده، وإما، أخيرا، بسبب شعورهم أيضا بخيبة الأمل الكبيرة فيما أسفرت عنه التطورات الحديثة من نتائج، ومحاولتهم البحث عن طريق أو توجه جديد، والواقع أن المشاركة المتزايدة للنخب الحديثة تمثل العنصر الجديد بحق في الحركات الإسلامية المعاصرة كما تضفي عليها دون شك قدرا كبيرا من النشاط والفاعلية.
Bilinmeyen sayfa