Yirminci Yüzyılda İslam: Bugünü ve Geleceği
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Türler
إن العقيدة الإسلامية لم تكن قوة غالبة وحسب في إبان النشأة والظهور، ولكنها كانت قوة صامدة بعد مئات السنين، ولا بد من تفسير لهذه القوة الصامدة كما لا بد من تفسير لتلك القوة الغالبة، فإن القوة التي تصمد كالقوة التي تغلب في حاجتهما إلى التفسير، أو لعل القوة التي تصمد أولى بالتفسير من القوة الغالبة؛ لأنها تدافع فتقوى على الدفاع حيث لا عدة عندها للغلبة في معترك الصدام والصراع.
وصمود القوة الإسلامية في أحوال الضعف عجيب كانتصارها في أحوال الشدة والسطوة، ولا سيما الصمود بعد أكثر من عشرة قرون.
ولقد تداولت الدول بقاع الأرض من القرن السابع للميلاد إلى العشرين: قامت دول إسلامية ثم انهارت أمام المنافسين من أبناء دينها أو أبناء الأديان الأخرى، وحدث في فترة من الزمن خروج المسلمين من أوروبا الغربية ودخولهم إلى أوروبا الشرقية، ودالت دولة دمشق وبغداد وقرطبة والقاهرة، وقامت دولة الآستانة أو إسلامبول، ثم ظلت وحدها هذه الدولة كفؤا للدول الأوروبية مجتمعات أو متفرقات حتى تداعت أركانها وتصدع بنيانها، وبقيت قائمة لاختلاف الطامعين في ميراثها على تقسيمها، وتلاحقت الضربات على البلاد الإسلامية بين هزيمة واضطهاد وتمزيق وتفريق حتى تمكن منها المستعمرون فلم تبق منها واحدة تنعم بقسط من حرية الحكم وسيادة الاستقلال، ومن كان منها مستقلا كالدولة العثمانية أو الدولة الإيرانية أو الدولة الحسينية بالمغرب الأقصى كان افتيات المستعمرين على حقوقها أشد وأقسى من افتياتهم على البلاد التي فقدت حريتها واستقلالها، وانقضى القرن التاسع عشر كله والأمم الإسلامية مخذولة متخاذلة، والدول المستعمرة غالبة متحكمة، وخيل إلى الناظرين أن الحاضر والمستقبل جميعا للاستعمار، وأنه قد جمع القوة والعلم والحضارة فلا نجاة من قبضته للذين حرموا القوة والعلم والحضارة، وأصبحوا في كل منها عالة على المستعمرين.
ثم انتهى القرن التاسع عشر، فكيف رأى الناس منتهاه؟
الاستعمار يتراجع، ولا يظفر بغناء من سلطان المال والعلم والسلاح.
والإسلام تبرز له دولتان في آسيا عداد المسلمين في كل منهما يزيد على سبعين مليونا، وهما دولتا إندونيسيا والباكستان، وسائر الدول في آسيا وأفريقيا تقترب من الحرية وتبتعد من ربقة العبودية، وهذه هي قوة الصمود بعد أربعة عشر قرنا من الدعوة المحمدية، لا ينظر المؤرخ في أطوارها على تعدد ظواهرها وأدوارها إلا وجب عليه أن يفترض لها سرا عجيبا كذلك السر العجيب في صدر الإسلام: سر الغلبة من حيث لا تنتظر الغلبة على دولتي العالم في خمس سنوات.
إن قوة الصمود هنا لعجيبة كقوة الغلبة هناك، ولعلها - كما قدمنا - أعجب من قوة الغلبة؛ لأنها تملك الدفاع، ولا مال لديها ولا سلاح ولا علم ولا معرفة، لا بل تملك الدفاع ولا اتفاق بينها على الدفاع.
وندع الصراع في مجال الدول المتداولة بين السطوة والخضوع وبين النصر والهزيمة، فإن قوة العقيدة الإسلامية قد سرت مسراها في أرجاء العالم بمعزل عن حروب الدول وسياساتها، وعن عروش العواهل وتيجانها، وفي أفريقيا اليوم مائة مليون مسلم لا شأن في إسلامهم لدولة أو سياسة، وقريب من هذا العدد مسلمون في السومطرة وبلاد الجاوة، وقريب منه في الباكستان، وقد يكون في الصين وما جاورها عدة كهذه العدة من الملايين.
وهؤلاء جميعا سرت فيهم عقيدة الإسلام بمعزل عن حروب الدول وسياساتها، وعن عروش العواهل وتيجانها، أو كان للدول والسياسات شأن في إسلامهم من بعيد متقطع غير موصول ولا مقصود، ولعله لو انحصر الأمر فيه لا يكفي لإسلام عدة من الناس تحسب بالألوف والمئات، ولا ترتفع إلى عشرات الملايين فضلا عن مئات الملايين، ولو حسب جهاد المجاهدين في سبيل إسلامهم بعدد الرءوس التي سقطت في ميدان القتال؛ لكان الرأس الواحد هنا عدلا في كفة الميزان الأخرى لمئات الألوف.
هذه القوة، غالبة وصامدة، تتطلب تفسيرا غير كلمة العقيدة مجردة من خواصها ومزاياها، ولا غنى لها عن مزية تهيأت لها ولم تتهيأ للعقائد الأخرى التي لم يعرف عنها مثل هذه الغلبة ومثل هذا الصمود، وتلك حقيقة فطن لها الباحثون في انتشار الإسلام من أصدقائه وأعدائه على السواء، فذهبوا جميعا يلتمسون الدواعي التي يسرت لهذه الدعوة ما لم يتيسر لغيرها، وهم متفقون على انفرادها بالمزية الخاصة مختلفة في بيان تلك المزية على حسب اختلاف النية واختلاف الرغبة في الحمد أو المذمة، ومنهم مبشرون يلجئون إلى المزايا التي تعينهم على الاعتذار كلما وضح عجزهم عن تحويل المسلمين من دينهم أو وضح عجزهم عن مجاراة الدعاة الإسلاميين في نشر دينهم بغير مشقة وبغير كلفة من المال والعتاد، ووسائل التدريب والتنظيم.
Bilinmeyen sayfa