Yirminci Yüzyılda İslam: Bugünü ve Geleceği
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Türler
يفيض العصر الذي ينشئون فيه بحوافز الترقب والأمل واليقين بالتغيير الذي لا محيص منه، وقد تكون عوامل هذا التغيير موصوفة لديهم بارزة لهم في الصورة التي يتخيلونها كما تبرز صور السحاب لمن يحاول أن يرتق فتوقها على مثال مرسوم.
وبين هذه الهواجس والقلاقل تنو النفوس القلقة المتشوفة، فيتفق حتما لزاما أن يكون منها من يتعلق بالغيوب، ويروض عقله على استصلاح خفاياها، وتطول مناجاته لنفسه وتساؤله عن واجبه، فيخطر له أنه مندوب لأمر جسام يروقه أن يصبح أهلا له، ويخيفه أن يكون هو المقصود به، ثم ينكل عنه خوفا من تبعاته وأهواله، وكلما طالت به المناجاة والتساؤل تمكن الخاطر منه، وتلمس الخلاص من شكوكه بالمزيد من الرياضة والاستعداد، عسى أن يلهمه الغيب سبيل الرشاد، ويجلو له حقيقة الأمر الذي هو في ريب منه، وإذا احتجبت عنه آيات الإلهام فترة فليس بالعجيب في هذه الحالة بين الأمل والخوف أن يذكر فترات الحيرة التي مرت بالرسل الكرام، ويحسبها من ضروب الامتحان والتمحيص في انتظار الموعد الموقوت، وقد يصادفه بين هواجس هذه الحيرة من ينفضها عنه ببارقة رجاء وكلمة تشجيع، فيتشبث بها ويستصعب إهمالها، وما أسرع النفس إلى التشبث بأمثال هذه العلالة في أمثال هذه المآزق والأزمات.
ثم يخطو الخطوة الأولى فلا يعدم من يخطوها معه ويسبقه إلى ما بعدها، ثم تدفعه المصادفات تارة وتصده تارة حتى يتوسط الطريق، وتنسد وراءه شيئا فشيئا منافذ الرجوع، إن فكر في الرجوع، ولن يلبث بعد ذلك أن يعلق بدولاب الحوادث فتوحي إليه أمرها بحكم الضرورة قبل أن يوحي إليها، فإن خامره شك فلعله يحسب في هذه المرحلة أن المصلحة في التقدم أكبر وأضمن من المصلحة في التراجع والنكوص، ويزعم لضميره أنه إنما يريد الخير، ولا يحاسبه الله إلا بما نواه.
على أن العبرة من هذه الحركات جميعا أن ضجتها أعظم جدا من جدواها، وأنها تجشم الأمم كثيرا ولا تنفعها ببعض ما تتجشم من أهوالها ومتاعبها، وتنجلي الغاشية وقد حبطت الحركة في أول أغراضها، وأضافت نحلة جديدة إلى النحل التي أرادت أن تمحوها وتدمجها في كيانها، وقد تنشعب الحركة شعبا شتى بين أتباعها ومريديها، وهي لم تتحرك أول الأمر إلا على أمل التوفيق بين النحل التي تنازعت ضمائر الناس قبلها.
ولو وضعت كل هذه الدعوات في الميزان لرجحت عليها جميعا دعوة التعليم والتقويم، وهي أقلها ضجة وأطولها أمدا وأبقاها ثمرة، ففي كل ما أجملناه من الدعوات ونهضات الإصلاح لم ينتفع الإسلام بمنفعة محققة أثبت وأعظم من منفعة التعليم على هدي العقيدة النيرة والخلق المكين، ولم يخدم الإسلام أحد في العصر الحديث كما خدمه المعلمون من طراز أحمد خان وجمال الدين ومحمد عبده، ويشبههم في النفع بين أهل البادية دعاة السلوك الحسن والاستقامة من أصحاب الطرق المخلصين.
وخير خدمة للإسلام تجلت لنا في ضوء تجاربه من مطلع القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين هي الخدمة التي تكفل للمسلم أن يؤمن بعقيدته، ولا يتخلف عن عصره في علومه ومعارفه ومقتضيات أعماله، أو هي خدمة التوفيق بين الدين وعلوم التقدم، وغاية ما نلاحظ على أساليب التوفيق أننا لا نستصوب التعجل بتفسير الكتاب على الوجوه التي تتراءى لأول وهلة من نظريات العلم وفروض العلماء المحدثين؛ لأن النظريات تتبدل وشواهد الواقع تتراءى في كل حقبة على غير صورتها في الحقبة التي تسبقها أو التي تليها، ومثال ذلك تفسير السماوات السبع بالسيارات السبع في المنظومة الشمسية، وقد ينكشف كما انكشف فعلا بعد سنوات أن السيارات والنجيمات عشر، ولا حصر للشهب الصغار التي تشرق وتغرب في هذا المدار.
وعبرة الدعوات جميعا منذ أواسط القرن التاسع عشر أنها تنحصر في كلمتين قال بهما رائد الهند وإمام مصر، وهما: العلم والإيمان.
الفصل العاشر
الدعوات ونهضات الإصلاح في منتصف القرن العشرين
تتعدد المقاييس التي يقاس بها تقدم الأمم، ويأتي في طليعتها مقياس الحرية، ومقياس الحضارة، ومقياس الحالة النفسية.
Bilinmeyen sayfa