Yirminci Yüzyılda İslam: Bugünü ve Geleceği
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Türler
وهناك شأن آخر لا بد من الالتفات إليه في كل كلام يتعلق بالجغرافية الإسلامية، فلا يخفى أن البلاد الإسلامية تبتعد عن شواطئ البحار بتدبير أو بغير تدبير، وذلك مصدر ضعف لها في بعض المواقع ومصدر قوة لها في المواقع الأخرى، فالمسلمون في وسط آسيا قوة؛ لأنهم هناك ميزان القارة الداخلية لا يتم أمر من الأمور في سياسة العالم التي ترتبط بتلك المواقع إن لم يحسب فيه حسابهم قبل كل حساب، ولكنهم في الجزر الهندية الشرقية يملكون الشواطئ فلا يهمل شأنهم في كل سياسة عالمية لها علاقة بحرية، وهم في الباكستان شرقا وغربا يتوسطون البر والبحر، فلا تنفصل سياسة القارة الآسيوية بعد النظر إلى هذه الاعتبارات كافة عن سياسة الإسلام.
وتعاصر هذه الجماعات الإسلامية الآسيوية أمم شتى لا تساويها في العدد، ولكنها ملحوظة المكانة والمكان لغير ذلك من الاعتبارات، وفي طليعتها وادي النيل والبلاد العربية.
وادي النيل
فوادي النيل قضى القرن التاسع عشر كله - اسما ورسما - في حوزة الدولة العثمانية، ولكنه كان قبل قيام الدولة العثمانية وبعد انحسار ملكها محور العالم الإسلامي، لجملة أسباب تدور على الدين تارة وعلى السياسة أو الثقافة تارة أخرى.
فقد كانت القاهرة تحسب عاصمة الإسلام، وكان ملوك الإفرنج يخاطبون سلطانها باسم أمير الإسلام إذا انتحل أحدهم لنفسه لقب الإمارة على المسيحيين، وكانت مصر طليعة الجيوش الإسلامية في مقاومة الصليبيين، وبيت المقدس تابع لها في أيام تلك الحروب، ومضى زمن على العالم الإسلامي في القرون الوسطى وهو لا يعرف قبلة لعلوم الدين أولى بالرحلة إليها من الجامع الأزهر، وعظمت مكانتها أمام الغرب بعد الحروب الصليبية في عهد الاستعمار، وفي عهد المسألة الشرقية، فكان الفيلسوف الألماني «ليبنتز» يغري لويس الرابع عشر بفتح مصر للقضاء على المستعمرات الهولندية، ويقول له: إن هولندا لا تجسر حينئذ على معاداته؛ لأنها تجر عليها غضب العالم المسيحي إذا حاربته وهو مشغول بفتح معقل الإسلام، ولما فكرت الدول في أمر قناة السويس كان المركيز دار جنسون
Dargenson
يروج للمشروع من الناحية الدينية فيقول: إنه فتح صليبي لجميع المسيحيين.
وشاءت الحوادث، كما شاء حكم الموقع، أن تسبق مصر بلاد العالم الإسلامي إلى الحضارة الحديثة؛ لأنها تنبهت إلى مزايا هذه النهضة عند وصول الحملة الفرنسية إليها بقيادة نابليون بونابرت قبيل ابتداء القرن التاسع عشر، وكانت في حقيقتها حملتين: حملة عسكرية، وحملة علمية يشترك فيها جلة العلماء من المختصين الثقات في كل علم حديث.
ويعتبر القرن التاسع عشر في مصر بمثابة الأزمة النفسية التي تصاحب سن الرشد في بواكير الشباب، فاعتلجت فيها النفس المصرية بتجارب النكسة والتقدم وعوامل الأسر والحرية، واستهلت أمة مصر سنواته الأولى بحركة من حركات الاستقلال تمثلت في إجماع القادة على عزل الوالي العثماني، وترشيح وال يختارونه ليخلفه على شرطهم من الاستقامة في الحكم والتعفف عن الحرمات والأموال، فتولى الأمر «محمد علي» ولجأ إلى النظم الحديثة في إدارة الدولة، وتثمير الأرض، والانتفاع بماء النيل، ولولا إسرافه في العدة لتوسيع ملكه لأدركت البلاد أضعاف ما أدركته من المنعة والتقدم بعد القضاء على عصابة المماليك.
وقد استفادت مصر في هذا القرن من الحضارة الأوروبية، وأوشكت أن تخلص لها فوائدها لولا بقايا الامتيازات الأجنبية، وأثقال الديون، وشطط الولاة وعجزهم من أيام عباس الأول إلى أيام توفيق بن إسماعيل، وفي عهد هذا تفاقمت بواعث السخط والنقمة، فثارت الأمة تطلب الإصلاح، وتعالج أن تفك قيودها بتقييد سلطان الولاة، فتذرعت بريطانيا (العظمى) باختلال الأمن في مصر لضرب الإسكندرية واحتلال القطر كله، ولم تنس أن تثير العصبية والطمع في الغرب بدعوى حماية المسيحيين وحراسة حقوق أصحاب الديون، ولم يحدث قط أن مسألة الديون سوغت احتلال شبر من الأرض في أوروبا أو أن اضطهاد المخالفين في الدين ضيع استقلال أمة من غير الشرقيين.
Bilinmeyen sayfa