Islam and the Constitution
الإسلام والدستور
Yayıncı
وكالة المطبوعات والبحث العلمي وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٢٥هـ
Türler
[مقدمة الكتاب]
الإسلام والدستور مقدمة الكتاب إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن الدستور أو القانون الدستوري فرع من فروع القانون العام، والدستور لأي دولة كانت يعبر عن فكر تلك الدولة واتجاهها الديني والاجتماعي؛ لأن الدستور هو القانون المهيمن، والموجه لقوانين تلك الدولة ونظمها.
وهذه الأهمية للدستور أحد الأسباب التي دفعتني لهذا البحث، وبخاصة معالجته من الناحية الإسلامية ومحاولة توضيح أسس الأحكام الدستورية في الشريعة الإسلامية، ومن ثم دراسة لبعض تطبيقاتها منذ قيام الدولة الإسلامية في عهد الرسول ﷺ إلى عصرنا الحاضر.
وما من شك في أن بحث موضوع كهذا من هذه الزاوية من الأهمية بمكان، لأهمية الأحكام الدستورية بين الأحكام والنظم الأخرى، ولأهمية دراسة الدستور في الإسلام وذلك بتحديد قواعده، مما يسهم في إثراء البحث العلمي في الشريعة الإسلامية في العصر الراهن، سواء من ناحية تبيين ما عليه الشريعة الإسلامية في هذا المجال، أم من ناحية الدراسات المقارنة.
1 / 5
ولذلك كان اختيار موضوع " الإسلام والدستور " (١) الذي حاولت فيه تبيين وجهة النظر القانونية البحتة للدستور، ثم تبيين وجهة النظر في الإسلام، بحيث يجمع البحث بين الدراسة القانونية والشرعية، واستعراض الواقع الدستوري للدولة الإسلامية على مر عصورها من خلال دراسة بعض الوقائع الدستورية في التاريخ الإسلامي.
والحقيقة أن البحث في الأحكام الدستورية الإسلامية ليس جديدا ومستحدثا، فالفقهاء المسلمون القدامى بحثوا هذا الموضوع وبينوا تلك الأحكام في مختلف أبواب الفقه وكتب السياسة الشرعية.
وقد تقدمت الدراسات الدستورية والقانونية في هذا الوقت وأصبحت لها أبحاث ودراسات مستقلة مما يتطلب من الباحثين والمفكرين المسلمين المعاصرين أن يؤصلوا الدراسات الدستورية، ويبينوا وجهة النظر الإسلامية ويستنبطوا الأحكام للوقائع المستجدة، وإذا نظر الباحث إلى الدراسات الدستورية المعاصرة، يجد أن الذين تعرضوا لهذا الموضوع، منهم من يغلب عليه الطابع القانوني البحت، ومنهم من يعرض الموضوع بشكل عام دون تفصيل، ومنهم من يبحث جزئيات من الموضوع عند دراسة النظام السياسي الإسلامي، مما يجعل سير الباحث في هذا الطريق صعبا وشاقا.
إن أهم مصادر هذا البحث تتركز في كتب السياسة الشرعية، والكتب والدراسات الدستورية والقانونية الوضعية، والكتب المعاصرة التي تبحث
_________
(١) هذا الكتاب مستل من رسالة ماجستير قدمها المؤلف لكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض سنة ١٤٠٧هـ بعنوان (الدستور في البلاد الإسلامية ومشكلاته في ضوء الإسلام) وقد تم تعديل وتحديث ما يحتاج إلى تعديل أو تحديث من المعلومات الواردة في الكتاب وفقا لوضعه الجديد.
1 / 6
في النظام السياسي، بالإضافة إلى الوثائق والنصوص المشتملة على بعض القوانين والنظم المطبقة في بعض البلدان.
ومن أهم الصعوبات التي واجهتها في هذا البحث، قلة المراجع الحديثة التي تخدم موضوع البحث، وبخاصة الدراسات التي تبحث في النظام الدستوري الإسلامي بحثا مقارنا مع النظم الوضعية، أو تلك التي تؤصل للنظام الدستوري الإسلامي وتبين أحكامه وقواعده من مصادره ومظانه الأصلية من الكتاب والسنة وما سطره علماء المسلمين الأوائل في هذا المجال.
كما أن حساسية البحث في الموضوع تشكل عائقا أمام الباحث في هذا المجال؛ نظرا لخطورة الموضوعات والمباحث التي تتعلق بهذا الجانب ودقتها.
ولقد حاولت أن أقدم هذا الموضوع بشكل متكامل، جامعا فيه خلاصة ما اطلعت عليه مما كتبه الآخرون، محللا لبعض آرائهم، ولا أزعم أنني أعطيت الموضوع حقه كاملا، ولعل عذري في ذلك أن الموضوع لا يزال بكرا، ولم يحظ بدراسات علمية شاملة وعميقة، ولكنني حاولت وبجهد المقل أن يكون البحث شاملا، بقدر الاستطاعة وكم تمنيت أني قد توصلت إلى نتائج أكبر مما كان.
والمجال متسع للباحثين فيما بعد لاستكمال البحث في هذا الموضوع، والتوسع فيه، والعناية به بشكل أكبر.
ولقد ابتعدت قدر الإمكان عن العاطفة الشخصية والآراء المسبقة ما استطعت إلى ذلك سبيلا، واستخدمت عدة مناهج علمية حسب ما اقتضته طبيعة البحث، فاستخدمت المنهج التاريخي فيما كان له الطابع
1 / 7
التاريخي من البحث، أو نسق من أقوال العلماء، ثم التحليل على أساس تلك القاعدة، أو ذلك النسق، واستخدمت المنهج المقارن عند الحاجة لمقارنة الآراء والحجج مع بعضها.
ولقد تم عزو الآيات القرآنية إلى سورها وتخريج الأحاديث النبوية التي تم الاستشهاد بها في هذا البحث، كما أرجعت الاقتباسات والنقول إلى مراجعها في كل مكان يتم فيه الاقتباس أو النقل، وأثبت أهم المراجع في فهرس مستقل في آخر الكتاب.
وبعد: حسبي أني قدمت ما استطعت من جهد ووقت لإخراج هذا البحث، سائلا الله جل وعلا أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصا لوجهه، وأحمد الله وأشكره وأثني عليه بما أنعم به من إكمال هذا البحث.
وفي الختام أرجو الله القبول والتوفيق والسداد.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
كتبه
توفيق بن عبد العزيز السديري
1 / 8
[الباب الأول تعريفات ضرورية]
[الفصل الأول القانون]
[المبحث الأول تعريف القانون]
الباب الأول
تعريفات ضرورية الفصل الأول: القانون
الفصل الثاني: الدستور
الفصل الثالث: الدولة
1 / 9
سيكون الحديث في الباب الأول عن بعض المواضيع الرئيسة التي لا بد منها للتمهيد لموضوع البحث الرئيس، وذلك في ثلاثة فصول، الفصل الأول منها عن القانون، تعريفه وضرورة وجوده، وتقسيماته وفروعه، ثم يتحدث الفصل الثاني عن فرع من فروع القانون وهو المتعلق بموضوع البحث الرئيس وهو الدستور، حيث سيتناول البحث تعريفه، وأنواع الدساتير وأساليب نشأتها ونهايتها، ومصادرها، ومقومات الدستور الأساسية، ثم يتحدث الفصل الثالث عن الدولة وذلك لارتباطها الوثيق جدا بموضوع البحث حيث سيتم تعريف الدولة وأركانها، ومقومات الدولة والقانون وضمانات تحقيقها وأنواع الدول.
وما يذكر في هذا الباب من مسائل إنما يوضح ما استقر عليه الفقه القانوني الوضعي المعاصر في هذه المسائل، التي يدخل أغلبها في باب الوسائل؛ ليكون تمهيدا للباب الثاني وهو الباب الذي يبحث الدستور في الإسلام.
1 / 11
الفصل الأول: القانون المبحث الأول: تعريف القانون
المبحث الثاني: ضرورة وجود القانون
المبحث: تقسيمات القانون
المبحث الرابع: فروع القانون
1 / 13
المبحث الأول: تعريف القانون: التعريف اللغوي: القانون كلمة يونانية الأصل، تلفظ كما هي kanun وانتقلت من اليونانية إلى اللغات الأخرى وهى تعني العصا المستقيمة، فانتقلت إلى الفارسية بنفس اللفظ (كانون) بمعنى أصل كل شيء وقياسه، ثم عربت عن الفارسية بمعنى الأصل، ودرج استخدامها بمعنى أصل الشيء الذي يسير عليه، أو المنهج الذي يسير بحسبه، أو النظام الذي على أساسه تنتظم مفردات الشيء، وتكون متكررة على وتيرة واحدة بحيث تصبح خاضعة لنظام ثابت، فيقال في معرض الأبحاث الطبيعية قانون الجاذبية، ويقال في معرض الأبحاث الاقتصادية قانون العرض والطلب (١) . وهكذا.
_________
(١) ابن منظور لسان العرب، ص ١٧٧ جـ ٣، طبع دار لسان العرب ببيروت، د. حبيب إبراهيم الخليل، المدخل للعلوم القانونية، ص ٩ - طبعة ثانية، د. محمد موسى هنداوي، المعجم في اللغة الفارسية، ص ٣٢٨، مكتبة الأنجلو بمصر، د. أحمد سلامة، المدخل لدراسة القانون، جـ١، ص١٥، مكتبة نهضة مصر ١٩٦٣، محمد كمال عبد العزيز، الوجيز في نظرية القانون، ص٤، مكتبة وهبة بالقاهرة ١٩٦٢م، د. عبد العزيز النعيم، أصول الأحكام الشرعية ومبادئ علم الأنظمة، ص ٥ ط ١، دار الاتحاد العربي، د. جميل الشرقاوي، دروس في أصول القانون، جـ ١ص ١٣، دار النهضة العربية ١٩٧٠م.
1 / 15
التعريف الاصطلاحي: لتعريف القانون اصطلاحا ثلاثة تعريفات:
١ - تعريف اصطلاحي عام: وهو القواعد التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع تنظيما ملزما، ومن يخالفها يعاقب، وذلك كفالة لاحترامها.
٢ - تعريف اصطلاحي باعتبار المكان: وهو مجموعة القواعد القانونية النافذة في بلد ما، فيقال القانون الفرنسي والقانون المصري مثلا. . .
٣ - تعريف اصطلاحي باعتبار الموضوع: وهو مجموعة القواعد المنظمة لأمر معين وضعت عن طريق السلطة التشريعية فيقال: قانون الملكية العقارية، وقانون المحاماة، وقانون الجامعات (١) .
_________
(١) د. جميل الشرقاوي، دروس في أصول القانون، جـ١ ص١٣، د. عبد المنعم فرج الصدة، أصول القانون، ص ١٢، دار النهضة العربية القاهرة ١٩٧٩.
1 / 16
[المبحث الثاني ضرورة وجود القانون]
المبحث الثاني: ضرورة وجود القانون: الاجتماع الإنساني ضروري، ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم: الإنسان مدني بالطبع، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم (١) .
فالإنسان بدافع من طبعه لا يستطيع أن يعيش بمفرده ويسعى إلى المحافظة على وجوده من خلال مجتمع من الأفراد يعيش بينهم؛ لأن الله ﷾ خلق الإنسان وجعل طبيعته لا تمكنه من العيش بمعزل عن الناس، ولا يمكن أن يقوم وحده بسد حاجاته، بل هو مضطر إلى أن يعيش في جماعة يتفاعل معها وتتفاعل معه، فيتبادل مع هذه الجماعة المنافع، وبهذا تنشأ بين أفراد هذه الجماعة علائق متعددة، اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وثقافية، وغيرها وهذه العلائق لا يمكن أن تقوم بحال إلا وفق ضوابط تحكمها، حتى لا يختل توازن هذه الجماعة، وهذه الضوابط هي النظم والقوانين، فبدون القانون تصبح الأمور فوضى تسير وفق الأهواء والرغبات الفردية، وحالة عدم وجود القانون حالة لا يمكن أن يتصور دوامها لأن مجرى السنة الكونية يحتم وجود قانون، ولو افترض وجود حالة الفوضى فلا بد أن يكون الحكم للقوة، فيتحكم الأقوياء بالضعفاء، وفق ما يريدون ويشتهون فيكون هناك قانون القوة أو الغابة، بغض النظر عن كون هذا القانون سليما وموافقا للحق أو بعكس ذلك. ومن هنا يتبين أن القانون ضرورة اجتماعية لا بد منه؛ ليحكم نشاط الأفراد، وينظم علاقاتهم.
_________
(١) عبد الرحمن بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، ص ٣٧، طبعة دار الهلال، عام ١٩٨٣م.
1 / 17
[المبحث الثالث تقسيمات القانون]
المبحث الثالث: تقسيمات القانون: يقسم الفقهاء القانون تقسيمات عدة، نذكرها فيما يلي:
١ - علي أساس طبيعة القواعد القانونية: وحسب هذا الأساس ينقسم القانون إلى قسمين هما:
أ - قانون موضوعي، وهو الذي تتضمن قواعده أحكاما موضوعية تبين الحقوق والواجبات المختلفة، فيقال مثلا: القانون المدني، والقانون التجاري وغيرهما. . حسب الموضوع الذي تتضمنه أحكام كل قانون.
ب - قانون شكلي أو إجرائي: وهو الذي تتضمن قواعده أحكاما إجرائية تبين الأوضاع والإجراءات، التي تتبع لاقتضاء الحقوق التي يقررها القانون الموضوعي، كقانون المرافعات المدنية، وقانون الإجراءات الجنائية مثلا (١) .
٢ - على أساس القوة الملزمة للقاعدة القانونية: وحسب هذا الأساس ينقسم القانون إلى قسمين هما:
أ - قواعد آمرة أو ناهية: وهي تشمل مجموعة القواعد التي تحمي المصالح الأساسية في الدولة، ولا يجوز للمتعاقدين الخروج عليها وإلا كان اتفاقهم باطلا.
ب - قواعد قانونية مفسرة أو مكملة أو مقررة: وهي مجموعة القواعد التي لا تتصل بالنظام الأساسي في المجتمع، ويجوز
_________
(١) د. عبد المنعم فرج الصدة، أصول القانون، ص ٤٣.
1 / 18
الاتفاق على عكسها؛ لأنها وضعت لتفسير وتكملة إرادة المتعاقدين (١) .
ويمكن التفريق بين القواعد الآمرة والقواعد المفسرة من عبارة النص نفسه؛ إذا لم يكن ذلك واضحا من العبارة يعرف من موضوع القاعدة القانونية؛ فالقواعد المتصلة بالنظام العام والآداب تعتبر قواعد آمرة أو ناهية، وماعداها يعتبر قواعد مكملة.
٣ - من حيث التدوين وعدمه: وينقسم القانون من حيث المصدر الذي توجد فيه القاعدة القانونية إلى قسمين هما:
أ - قانون مكتوب، وهو مجموعة القواعد القانونية الواردة في نصوص مكتوبة كالتشريع.
ب - قانون غير مكتوب: وهو مجموعة القواعد القانونية التي لم تصدر في نصوص مكتوبة كما هو الحال بالنسبة لقواعد العرف.
٤ - على أساس النطاق الإقليمي: ويبنى هذا التقسيم على أساس الرابطة التي ينظمها؛ فيقال: قانون داخلي، وقانون خارجي، وذلك تبعا للرابطة الاجتماعية التي ينظمها، هل هي داخل الجماعة أو خارجها (٢) .
٥ - على أساس الرابطة التي تحكمها قواعده: وهذا التقسيم هو التقسيم الرئيس الذي يسير عليه أكثر كتاب القانون، وهو تقسيم تقليدي لا يزال مستقرا ومسلما به في الفقه القانوني
_________
(١) د. محمد علي إمام، محاضرات في نظرية القانون، ص ٥٣، مكتبة نهضة مصر، القاهرة.
(٢) د. محمد علي إمام، محاضرات في نظرية القانون، ص ٥٣.
1 / 19
الوضعي الحديث، وهذا التقسيم أهم أنواع تقسيمات القانون، وهو الذي درج عليه معظم فقهاء القانون منذ عهد الرومان إلى عصرنا هذا، بالرغم من المحاولات للعدول عنه (١) .
وينقسم القانون من حيث طبيعة الرابطة التي تحكمها قواعده إلى قسمين هما:
أ - القانون العام: وهو مجموعة من القواعد تنظم الارتباط بين طرفين أحدهما أو كلاهما ممن يملكون السيادة، أو السلطات العامة، ويتصرفون بهذه الصفة (الدولة أو أحد فروعها) ولهذا وصف بأنه قانون إخضاع (٢) .
ب - القانون الخاص: وهو مجموعة من القواعد تنظم الروابط بين طرفين لا يعمل أيهما بوصفه صاحب سيادة أو سلطة على الآخر، كالأفراد والأشخاص المعنوية الخاصة أو الدولة - أو أحد فروعها - حين تمارس نشاطا يماثل نشاط الأفراد (٣) كالقواعد التي تنظم ما يعرف بالأحوال الشخصية وكذلك أحكام المعاملات والعقود وغيرها أو كأن تبيع الدولة أرضا تملكها، أو تستأجر منزلا.
_________
(١) د. عبد المنعم فرج الصدة، أصول القانون، ص ٤٢، د. أحمد سلامة، المدخل لدراسة القانون، جـ ١ ص ٦٢.
(٢) د. حبيب الخليلي، المدخل للعلوم القانونية، ص ٥٨، طبعة ثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
(٣) د. حبيب الخليلي، المدخل للعلوم القانونية، ص ٥٨، طبعة ثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر.
1 / 20
[المبحث الرابع فروع القانون]
[فروع القانون العام]
المبحث الرابع: فروع القانون: ينقسم القانون حسب التقسيم الرئيس السابق إلى: قانون عام، وقانون خاص، ويتفرع من كل قسم منهما عدة فروع نذكرها فيما يلي:
أولا: فروع القانون العام: يتفرع القانون العام إلى فرعين رئيسين يسمى أحدهما القانون الدولي العام، وهو الذي تكون الدولة طرفا فيه، باعتبارها صاحبة السلطان، ويكون الطرف الآخر فيه دولة أو دول أخرى، أو هيئات دولية. والفرع الثاني: هو القانون الداخلي، وهو الذي ينظم الروابط الداخلية العامة التي تكون الدولة طرفا فيها باعتبار سلطتها، وهذا الأخير ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي: القانون الدستوري، والقانون الإداري والمالي، والقانون الجنائي.
وعلى هذا تكون فروع القانون العام أربعة هي:
أ - القانون الدولي العام: وهو مجموعة الأحكام التي تنظم ارتباط الدولة بالدول الأخرى في أوقات السلم والحرب (١) فالمحتكمون إلى هذا القانون الدول وليس الأفراد، ومن التعريف يتضح أن القانون الدولي العام ينقسم إلى قانون سلم وقانون حرب، ولكل واحد منهما موضوعاته الخاصة. فقانون السلم يبحث في المواضيع التالية:
_________
(١) د. عبد العزيز العلي النعيم، أصول الأحكام الشرعية ومبادئ علم الأنظمة، ص ١٧٩.
1 / 21
- أشخاص القانون الدولي.
- ممثلو الأشخاص في الجماعات الدولية.
- الأعمال القانونية الدولية، وأهمها المعاهدات، فيعين أركان انعقادها وشروط صحتها وآثارها وأسباب انقضائها.
- المسؤولية الدولية في قيامها وآثارها.
- المنظمات الدولية.
- حقوق الدول وواجباتها وفض المنازعات الدولية سلميا (١) .
ويبحث قانون الحرب في الموضوعات التالية:
- العلاقة بين الدول المتحاربة وواجبات كل دولة إزاء جيش الأخرى، ورعاياها، والأسرى، ويبين القواعد الخاصة ببدء حالة الحرب ووقفها وانتهائها.
- علاقة الدولة المحاربة بالدول المحايدة (٢) .
ب - القانون الدستوري: وهو مجموعة الأحكام التي تحكم شكل الدولة، ونظام الحكم فيها، وسلطاتها، وطريقة توزيع السلطات، وبيان اختصاصاتها، ومدى ارتباطها ببعضها، ومن حيث التعاون أو الرقابة، وكذلك بيان حقوق المواطنين وواجباتهم تجاه الدولة وسلطاتها العامة (٣) .
ومن هذا يتبين لنا أن القانون الدستوري يبحث في الموضوعات التالية:
_________
(١) المرجع السابق، ص ١٨٢ - ١٨٤.
(٢) المرجع السابق، ص ١٨٢ - ١٨٤.
(٣) المرجع السابق، ص ١٨٢ - ١٨٤.
1 / 22
- شكل الدولة، هل هي بسيطة أو مركبة، ملكية أو جمهورية.
- السلطات العامة في الدولة: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية.
- الأشخاص أو الهيئات التي تتولى السلطات العامة.
- علاقة هذه السلطات ببعضها، نوع هذه العلاقة، وهل هناك فصل مطلق بينهما أو مرن.
- الحريات الفردية وضماناتها، وهي الحريات الشخصية، والتملك، والمسكن، والرأي، والتعليم، والمساواة أمام القضاء، والوظائف العامة، والتكاليف العامة (١) .
جـ - القانون الإداري والمالي: يفصل بعض الكتاب (٢) القانون الإداري عن القانون المالي، ولكن أصلهما واحد؛ لأن القانون المالي منبثق أصلا عن القانون الإداري، لذا نجد أكثر الكتاب يعدونهما قسما واحدا، لتقارب النواحي الإدارية والمالية للدولة من بعض.
ويعرف القانون الإداري بأنه مجموعة القواعد التي تبين كيفية أداء السلطة التنفيذية لوظائفها (٣) .
ويبحث القانون الإداري في المواضيع التالية:
- تحديد أجهزة الدولة الإدارية المختلفة، وطرق تكوين كل منها، وعلاقة بعضها ببعض، وعلاقتها بالسلطات العامة الأخرى.
_________
(١) د. عبد العزيز العلي النعيم، أصول الأحكام الشرعية ومبادئ علم الأنظمة، ص ١٨٢ - ١٨٤.
(٢) أصول الأحكام الشرعية، مرجع سابق، ص ١٨٧ - ١٩٢.
(٣) د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، ص ٤٤، مؤسسة الثقافة الجامعية ١٩٧٧.
1 / 23
- كيفية ممارسة الإدارة لنشاطها، والأساليب المتبعة في ذلك.
- صور النشاط الإداري المختلفة، وأسس اختلافها عن صور النشاط العام الأخرى للدولة.
- صلة الإدارة بالعاملين فيها، والقواعد التي تنظم اختيارهم، وتحدد حقوقهم وواجباتهم، والمزايا الممنوحة لهم، والضمانات التي توفر لهم الحماية.
- تبيين الأموال العامة، والنظام القانوني لها، وكيفية إدارتها والانتفاع بها، والتفريق بينها وبين المال الخاص.
- تنظيم القضاء الإداري بترتيب المحاكم الإدارية، وتحديد اختصاصاتها وقواعد الطعن أمامها بالقرارات والأعمال الإدارية المخالفة للقانون (١) .
ويعرف القانون المالي، بأنه مجموعة الأحكام التي تنظم حصول الدولة على دخلها وطرق إنفاقها لهذا الدخل (٢) .
ويبحث القانون المالي في المواضيع التالية:
- النفقات العامة للدولة، وذلك بتحديد أوجه إنفاق المال العام.
- الإيرادات العامة للدولة من رسوم وضرائب وغيرها.
- القروض العامة وكيفية تحصيلها.
- القواعد التي تتبع في تحديد الميزانية السنوية للدولة، وفي تنفيذها والرقابة على هذا التنفيذ.
_________
(١) جميل شرقاوي، دروس في أصول القانون، ص ٥٢.
(٢) المرجع السابق، ص ٥٢ - ٥٣.
1 / 24
د - القانون الجنائي: وهو مجموعة الأحكام التي تحدد الجرائم، والعقوبات المقررة عليها، والإجراءات التي تتبع في تعقب المتهم ومحاكمته، وتوقيع العقاب عليه (١) .
ويتضح أن القانون الجنائي يشتمل على طائفتين من الأحكام: أحكام موضوعية، وهي التي تبين الجرائم وتحديد العقوبة لكل جريمة، وأحكام إجرائية وهي التي تبين الإجراءات التي يجب اتباعها منذ وقوع الجريمة إلى حين توقيع العقاب على الجاني.
وعلى ذلك فالقانون الجنائي ينقسم إلى فرعين كل منهما مستقل عن الآخر، أحدهما: قانون العقوبات، والثاني: قانون الإجراءات الجنائية.
- فقانون العقوبات: هو مجموعة الأحكام التي تحدد الجرائم والعقوبات (٢) وينقسم إلى قسمين، هما:
قسم عام: يشمل القواعد التي تحدد الأحكام العامة للجريمة والعقوبة، فيبين أنواع الجرائم من جنايات وجنح ومخالفات، وأركان الجريمة، والأحكام التي تحدد العقوبات من حيث أنواعها، وحالات تعددها، ومتى تخفف، ومتى تسقط، ومتى يعفى منها.
قسم خاص: يشمل الأحكام الخاصة بكل جريمة على حدة، ويبين أركانها، وصورها المختلفة، والعقوبات التي توقع على مرتكبيها (٣) .
- وقانون الإجراءات الجنائية: هو مجموعة الأحكام التي تبين الإجراءات التي يجب اتباعها، منذ أن تحدث الجريمة إلى أن يوقع العقاب على مرتكبها، من حيث ضبط المتهم، والقبض عليه، والتحقيق معه، ومحاكمته، وتنفيذ العقوبة المحكوم عليه بها (٤) .
_________
(١) د. توفيق حسن فرج، المدخل للعلوم القانونية، ص ٤٧.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٨.
(٣) المرجع السابق، ص ٤٨.
(٤) المرجع السابق، ص ٤٨ - ٤٩.
1 / 25
[فروع القانون الخاص]
ثانيا: فروع القانون الخاص: يعتبر القانون المدني أصلا للقانون الخاص، وبالانفصال عنه نشأت فروع أخرى للقانون الخاص، وهذه الفروع إما أن تحكم قواعد موضوعية كالقانون التجاري والبحري والجوي والعمل، أو قواعد إجرائية كقانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون المرافعات التجارية والمدنية، وإلى جانب هذه الفروع ظهر فرع آخر وهو: القانون الدولي الخاص؛ حيث تنفرد أحكامه بوظيفة معينة فيما يتعلق بالأمور ذات العنصر الأجنبي؛ وعلى هذا فتكون فروع القانون الخاص خمسة، هي:
أ - القانون المدني: وهو مجموعة الأحكام التي تنظم الروابط الخاصة بين الأشخاص في المجتمع، إلا ما يتكفل بتنظيمه فرع آخر من فروع القانون الخاص (١) وهذا يعني أن القانون المدني يعتبر الأصل في علاقات القانون الخاص، وذلك لأن القانون المدني هو أصل الفروع الأخرى للقانون الخاص، ويعني:
- أنه ينظم ارتباط الأفراد بغض النظر عن طبيعتهم ومهنتهم التي يمتهنونها، وبخلاف الفروع الأخرى من القانون الخاص، التي تعنى بطوائف ومهن معينة، أو حالات وأوضاع معينة.
- أن قواعده يرجع إليها في كل مسألة مسكوت عنها في الفروع الأخرى من فروع القانون الخاص، عدا القانون الدولي الخاص، وهذا الفرع ينظم نوعين من الروابط، هما: الأحوال الشخصية، والأمور المالية (٢) .
_________
(١) د. عبد المنعم فرج الصدة، مبادئ القانون، ص ٤٥.
(٢) المرجع السابق، ص ٤٥ - ٤٦.
1 / 26
ب - القانون التجاري: وهو مجموعة الأحكام التي تنظم نشاط التجار في ممارستهم لمهنتهم (١) والمعاملات التجارية لا تعدو أن تكون معاملات مالية تشبه ما ينظمه القانون المدني منها، وهي ما كانت في البداية محكومة بقواعد هذا القانون، إلا أنه تبين بعدئذ قصور هذه القواعد عن سد حاجات التعامل التجاري إلى السرعة والأمان؛ فبدأت النظم الخاصة بالتجارة تظهر تدريجيا، وكمل تنظيمها حتى استوت على سوقها، فشكلت فرعا مستقلا عن القانون المدني، هو القانون التجاري، ويلحق بالقانون التجاري: القانون البحري، والقانون الجوي. فالقانون البحري هو مجموعة الأحكام التي تنظم النشاط التجاري البحري، فهو جزء من القانون التجاري، ولكن نظرا لازدياد عدد قواعده استقل حتى أنه من الممكن أن يعتبر فرعا مستقلا من فروع القانون الخاص.
والقانون الجوي، أحدث فروع القانون الخاص، وهو مجموعة الأحكام التي تنظم المسائل المتعلقة بالملاحة الجوية، على غرار تنظيم القانون البحري لمسائل الملاحة البحرية، وقد بدأت قواعده بعد استعمال الطائرات وسائل نقل، ونظرا لحداثته لا تزال القواعد المكونة له متبعثرة في عدة تشريعات ولم تقنن بعد (٢) .
جـ - قانون العمل: وهو مجموعة الأحكام التي تنظم الارتباط بين العمال وأصحاب العمل (٣) وهذا الفرع حديث المنشأ نسبيا، فقد كانت العلاقة بين العامل
_________
(١) جميل شرقاوي، دروس في أصول القانون، ص ٥٨ - ٦٢.
(٢) جميل شرقاوي، دروس في أصول القانون، ص ٥٨ - ٦٣.
(٣) د. عبد المنعم فرج الصدة، مبادئ القانون، ص ٤٩.
1 / 27