أول كتاب الاشتقاق
اشتقاق اسم محمد
محمد
النبي ﷺ، مشتق من الحمد، وهو مُفعَّل، ومفعَّل صفة تلزم من كثر منه فعلُ ذلك الشيء. روى بعض نَقَلة العلم، أن النبي ﷺ لما وُلِد أمَرَ عبدُ المطّلب بجوزرٍ فنُحِرت، ودعا رجالَ قريش، وكانت سُنَّتهم في المولد إذا وُلِد في استقبال الليل كفَؤُوا عليه قدرًا حتى يصبح، ففعلوا ذلك بالنبي ﷺ، فأصبحوا وقد انشقَّت عنه القِدرُ وهو شاخصٌ إلى السماء. فلما حضَر رجالُ قريشٍ وطَعِموا قالوا لعبد المطَّلب: ما سمَّيتَ ابنك هذا؟ قال: سمَّيتُه محمّدًا. قالوا: ما هذا من أسماء آبائك. قال: أردت أن يُحمَد في السموات والأرض. فمحمَّد مفعّل، لأنه حُمِد مرّةً بعد مرة. كما تقول كرَّمته وهو مكرَّم، وعظّمته وهو معظَّم، إِذا فعلتَ ذلك به مرارًا. والحمدُ والشكر متقارِبانِ في المعنى، وربمّا تبايَنَا. ألا ترى أنّك تقول: حَمِدتُ فلانًا على فعلهِ وشكرت له فعلَه، وقد اشتَبَها في هذا الموضع. وتقول: حَمِدتُ فلانًا على فعلهِ وشكرت له فعلَه، وقد اشتَبَها في هذا الموضع. وتقول: جاورتُ بني فلانٍ فحمِدتُهم، ولا تقول شكرتُهم. وتقول: أتيتُ أرض بني فلان فحمِدتُها، ولا تقل شكرتها. وتقول: فلانٌ محمودٌ في العشيرة، ولا تقول مشكورٌ في العشيرة. والدليل على أنَّ محمودًا حُمِد مرّةً واحدة، ومحمدًا حُمِدَ مرّةً بعد مرّة، قول الشاعر:
فلستَ بمحمودٍ ولا بمحمَّدٍ ... ولكمَا أنت الحَبَنْطَى الحُباتِرُ
يعني القصير المتداخلَ الأعضاء.
وقد سمَّت العربُ في الجاهلية رجالًا من أبنائها محمدًا، منهم محمدّ
1 / 8