والدليل على ذلك ما ورد من القرآن، بصلاة الخوف بعد أن ثبت بالسنة تأخيرها [يوم الخندق] إِلى أن يَأْمَنَ نسخت، ونسخ التوجُّه لبيت المقدس بقوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: الآية ١٤٤]، وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ [المُمتحنة: الآية ١٠]، بعد أن قرر ﵇ رد من جاءه من المسلمين إِليهم.
فَصْلٌ
يجوز نسخ القرآن والخبر المتواتر بخبر الآحاد، وقد منعت من ذلك طائفة.
والدليل على ذلك ما ظهر من تَحَوُّلِ أَهْلِ "قِبَاء" إلى الكعبة بخبر الآتي فقد كانوا يعلمون استقبال بَيْت المقدس مِن دين النبي ﵇ ضرورة إِلا أنه لا يجوز ذلك بعد زمان النبي ﵇ للإجماع على ذلك.
وأما القياس فلا يصح النسخ به جملة.
فَصْلٌ
ذهبت طائفة من أصحابنا وأصحاب أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِي إِلَى أن شريعة مَنْ قبلنا لازمة لنا إِلا ما دَلَّ الدليل على نسخه.
وقال القاضي أَبُو بَكْرٍ وجماعة من أصحابنا بالمنع من ذلك.
والدليل على ما نقوله قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: الآية ٩٠]، فأمر باتباعهم وقوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا﴾ [الشورى: الآية ١٣] إلى قوله: ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: الآية ١٣].
وما رُوِيَ عن رسول اللَّه ﷺ أنه قال: "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاة أَوْ نَسِيهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا"، فإن اللَّه ﷾: يقول: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: الآية ١٤]، وإنما خوطب بذلك موسى ﵇ فأخذ به نَبيُّنَا ﵇.
بَابُ الإِجْمَاع وَأحْكَامِهِ
إجماع الأُمَّة على حكم الحادثة دليل شَرْعِي، فيجب المصير إلى ما اجتمعت عليه، والقطع بصحّته خلافًا للإمامية.
والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ إلى قوله: ﴿مَصِيرًا﴾ [النساء: الآية ١١٥].
1 / 71