بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وبه ثقتي والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أَحمدُ من أوضح منهاج الحق ونصب عليه في كل شيءٍ دليلًا، ووعد وعد الصدق لمن اتخذه وكيلًا ورضي به كفيلًا، وجعل إبراهيم خليفة؛ إنه كان أمة قانتًا واتخذه خليلًا، وأمره ببناء بيتٍ يقصده من كُلّ فجٍّ عميق من استطاع إليه سبيلًا، تطبيقًا للصورة على المعنى، وتنويهًا بالمجاز إلى الحقيقة وتمثيلًا، وجعل هُدَاهُ علمًا على طيِّ بساط هذه النشأة، وليبلو المؤمنين ويضل من يشاء تضليلًا، وجعل بدعوته من ذريته محمدًا ﷺ عبدًا سيدًا ونبيًا رسولا، فهو دعوة أبيه إبراهيم كما أخبر عنه في الصحيح؛ إنَّ دعاءه كان مقبولًا.
أَحمدهُ على أن أتانا منه رسولٌ أمينٌ بكتابٍ كريم، وأنه غفورٌ حليمٌ، حريصٌ علينا بالمؤمنين رؤوفٌ رحيم، وإنه لعلى خلقٍ عظيم؛ كما أخبر به العلي الحكيم، وأمره باتباع ملة أبيه إبراهيم، وأرسله بين يدي الساعة كالمُسبِّحة والوسطى نذيرًا، فأخبر عن جميع الفتن والأشراط الكائنة قبلها، فاسأل به خبيرًا، فَبلّغَ وبَالَغ، وحذَّر أمته الفتن عمومًا والدَّجال خصوصًا تحذيرًا.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ووارثيه وإخوانه وأحبابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
فإني لما رَأيتُ الحافظ جلال الدين أبا الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ذكر في خطبة كتابه الذي ألّفه في بيان حال البرزخ؛ المسمى "شرح الصدور بشرح حال الموتى في القبور" ما نصه: (وأرجو إن كان في الأجل فُسحة، أن أضم إليه
1 / 25