والرجل، والأبيض والأسود، والبكر والثيب، بمجرد وضع أقدامهم على الأرض، في أمور عدة. ومنها معرفة الطويل والقصير، والمهزول والسمين، ونحو ذلك فتراه يلحق الابن القصير بالأَب الطويل، وكذا العكس. ويعرف الغريب من الوطني، ليس ذلك إلا للعرب دون باقي الأمم مهما بلغت عقولهم، فإن ذلك أعظم من توليد المواد الكيمياوية، وتركيب المعادن الأرضية، ولله في خلقه أسرار. ولابن المقفع قال لبعض أعيان العز: أي الأمم أعقل؟ " فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا: لعله أراد أصله وهو فارسي، فجروا بحسب ما تخيل لأحدهم، فقالوا: " فارس "، يقال: ليسوا بذلك، فإنهم ملكوا كثيرًا من الأرض، ووجدوا عظيمًا من الملك، وغلبوا على كثيرًا من الخلق، ولبث فيهم عقد الأمر، فما استنبطوا شيئًا بعقولهم، ولا ابتدعوا شيئًا كباقي انكم في تفوسهم، قالوا: " الروم "، قال: أصحاب صنعة، قالوا: " الصين "، قال: أصحاب طرفة، قالوا: " الهند "، قال: أصحاب فلسفة، قالوا: " السودان "، قال: شر خلق الله، قالوا: " الترك " قال: كلاب مختلسة، قالوا: " الخزر"، قال: بقر سائمة، فقالوا له: يقل، فقال: " العرب ". ثم قال: اما انني ما أردت موافقتكم ولكن إذا فاتني حظي من النسبة فلا يفوتني من المعرفة. أي إذا كنت أنا غير عربي فقد فاتني شرفي بالانتساب إليهم، فلا ينبغي علي أن يفوتتي العلم بأحوال الناس. ثم قال: إن العرب حكمت
1 / 8