[book 1]
[chapter 1: I Preface] مدخل فرفريوس الصورى تلميذ أفلوطين
لما كان من الضرورى لمعرفة مذهب أرسطوطاليس فى المقولات، أن نعرف ما الجنس، والفصل، والنوع، والخاصة، والعرض؛ وكان العلم بها ضروريا كذلك فى تركيب الحدود، وبوجه عام فى معرفة ما يخص القسمة والبرهان، وهى أمور عظيمة النفع، فسوف أعرض عليك — يا خريساريوس — بيانا دقيقا، وأجتهد فى قول وجيز على سبيل المدخل، أن ألخص ما ذكره سلفنا، متجنبا المباحث الشديدة الصعوبة، فلا أبحث إلا المسائل البسيطة إلى حدما.
وأولا، لن أبحث عما إذا كان للأجناس والأنواع وجود فى الأعيان أم أن وجودها ليس إلا مجرد تصورات فى الأذهان؟ وإن كانت موجودة فى الأعيان أهى جسمية أو لا جسمية؟ وأخيرا أهى مفارقة أم لا وجود لها إلا فى المحسوسات ومنها تتركب؟. وهذه مسألة صعبة تحتاج إلى شرح آخر أكثر بسطا. لهذا لن أعرض عليك هاهنا إلا أفضل ما ذكره القدماء فى المنطق، وبخاصة المشائين منهم، عن هذا الأمر وغيره من الأمور التى عددناها.
Sayfa 67
[chapter 2: I 1] القول فى الجنس
يشبه ألا تكون دلالة الجنس والنوع بسيطة
يقال] جنس لجماعة قوم لهم نسبة بوجه من الوجوه إلى واحد أو لبعضهم إلى بعض، على المعنى الذى يقال به جنس الهرقليين من قبل نسبتهم من واحد، أعنى من هرقل، إذ كان جماعة القوم الذين لبعضهم قرابة إلى بعض من قبله قد يدعى جنسا بانفصالهم من سائر الأجناس الأخر.
Sayfa 68
وقد يقال أيضا على جهة أخرى جنس لمبدإ كون كل واحد واحد، إما من الوالد أو من الموضع الذى يكون فيه الإنسان، فإنه على هذه الجهة نقول: إن أورسطس من طنطالس، وأولس من إيرقلس. ونقول أيضا إن جنس أفلاطن أثينى، وجنس فنطارس ثيباى؛ وذلك أن البلد مبدأ ما لكون كل واحد كالأب. ويشبه أن يكون هذا المعنى أبين، وذلك أن الهرقليين هم المتناسلون فى جنسهم من هرقل، والققروقيديون هم الذين من ققروقس وقراباتهم. وسمى أولا جنسا مبدأ كون كل واحد، وبعد ذلك جماعة القوم الذين من مبدإ واحد بمنزلة هرقل. فأما إذا فصلناها وفرقناها من سائر الجماعات الأخر سمينا جماعتهم جنس الهرقليين
وقد يقال أيضا على جهة أخرى جنس الذى يرتب تحته النوع. وخليق أن يكون إنما سمى جنسا لمشابهة هذين الموصوفين، لأن هذا الجنس هو مبدأ ما للأنواع التى تحته، ويظن به أنه يحوى كل الكثرة التى تحته.
Sayfa 69
فإذ كان الجنس يقال على ثلاثة أنحاء، فقول الفلاسفة إنما هو فى الثالث منها، وهو الذى رسموه بأن قالوا: الجنس هو المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو، مثال ذلك الحى لأن الأشياء التى تحمل، منها ما تقال على واحد: كالأشخاص بمنزلة سقراط، وهذا الشخص، وهذا الشىء؛ ومنها ما يقال على كثيرين: كالأجناس، والأنواع، والفصول، والخواص، والأعراض التى تعرض على جهة العموم لا التى تعرض لشىء على جهة الخصوص. فالجنس كالحى، والنوع كالإنسان، والفصل كالناطق، والخاصة كالضحاك، والعرض كالأبيض والأسود، والقيام والجلوس.
فالأجناس تخالف الأشياء التى تحمل على شىء واحد فقط مما توصف به من أنها تحمل على كثيرين. وتخالف الأشياء التى تقال على كثيرين بأشياء؛ من ذلك أنه يخالف الأنواع بأن الأنواع، وإن كانت تحمل على كثيرين، فإنها ليست تحمل على كثيرين مختلفين بالنوع، بل كثيرين مختلفين بالعدد. فإن الإنسان، إذ هو نوع، قد يحمل على سقراط، وفلاطن، اللذين ليسا يختلفان بالنوع، ولكن بالعدد. فأما الحى، فإذ هو جنس، قد يحمل على الإنسان والفرس والثور الذين بعضهم يخالف بعضا، وبالنوع لا بالعدد فقط.
فأما الخاصة فقد يخالفها الجنس من قبل أن الخاصة إنما تحمل على نوع واحد وهو النوع الذى هى له خاصة، وعلى الأشخاص التى تحت ذلك النوع؛ كالضحاك فإنه يحمل على الإنسان فقط، وعلى أشخاص الناس. فأما الجنس فليس إنما يحمل على نوع واحد، ولكن على أنواع كثيرة مختلفة.
وقد يخالف الجنس الفصول والأعراض العامية، من قبل أن الفصول والأعراض التى تعرض على جهة العموم، وإن كانت تحمل على كثيرين مختلفين بالنوع، إلا أنها ليست تحمل من طريق ما هو، إذا سئلنا عن ذلك الشىء الذى تحمل عليه هذه، بل إنما تحمل من طريق أى شىء هو؛ وذلك أنا إذا سئلنا عن الإنسان أى حيوان هو؟ قلنا: ناطق؛ وإذا سئلنا عن الغراب أى حيوان هو؟ قلنا: أسود؛ والناطق فصل، والأسود عرض. أما إذا سئلنا عن الإنسان ما هو؟ أجبنا بأنه حيوان، لأن جنس الإنسان قد كان الحيوان.
Sayfa 70
فيصير قولنا فى الجنس بأنه: محمول على كثيرين، يفصله من الأشياء التى تحمل على شىء واحد، وهى التى لا تتجزأ الأشخاص. وقولنا: إنه يحمل من طريق ما هو، يفصله من الفصول، ومن الأعراض العامية التى ليست تحمل من طريق ما هو، ولكن من طريق أى شىء هو، أو كيف حاله. فليس تحوى إذن الرسم الموصوف لما يقوم فى الوهم من الجنس زيادة ولا نقصانا.
[chapter 3: I 2] القول فى النوع
فأما النوع فقد يقال على صورة كل واحد بمنزلة ما قيل: «أما أولا فصورته مستحقة لذلك».
Sayfa 71
وقد يقال نوع أيضا للمرتب تحت الجنس الذى وصفنا؛ كما قد اعتدنا أن نقول: إن الإنسان نوع للحى، إذ الحى جنس. ونقول: إن الأبيض نوع للون، والمثلث نوع للشكل. ولأنا لما وصفنا الجنس ذكرنا النوع بقولنا: المحمول على كثيرين مختلفين بالنوع من طريق ما هو، وكنا نقول فى النوع إنه المرتب تحت الجنس الذى وصفنا، فينبغى أن نعلم أن الجنس لأنه هو جنس لنوع، والنوع لأنه نوع لجنس، كل واحد منهما للآخر، وجب أن نستعملهما جميعا فى قولى كليهما. فهم يصفون النوع على هذا الوجه: النوع هو المرتب تحت الجنس، والذى جنسه يحمل عليه من طريق ما هو. وقد يصفونه أيضا على هذه الجهة: النوع هو المحمول على كثيرين مختلفين بالعدد من طريق ما هو. ولكن هذه الصفة أيضا هى لنوع الأنواع، ولما هو نوع فقط. وأما الصفتان الأخريان فهما لما ليس بنوع الأنواع.
وقد يتبين ما نحن واصفوه على هذا النحو فنقول: إن فى كل واحدة من المقولات أشياء هى أجناس أجناس، وأشياء هى أنواع أنواع؛ وفيما بين أجناس الأجناس، وأنواع الأنواع أشياء أخر. وجنس الأجناس هو الذى ليس فوقه جنس يعلوه، ونوع الأنواع هو الذى ليس دونه نوع آخر يوضع تحته. وفيما بين جنس الأجناس ونوع الأنواع أشياء هى بأعيانها أجناس وأنواع، إلا أنها كذلك إذا قيست إلى أشياء مختلفة.
Sayfa 72
وينبغى أن نوضح ما نحن ذاكروه فى مقولة واحدة، فنقول: إن الجوهر هو هو أيضا جنس وتحته الجسم، وتحت الجسم الجسم المتنفس، وتحت الجسم المتنفس الحى، وتحت الحى الحى الناطق، وتحت هذا الإنسان، وتحت الإنسان سقراط، وفلاطن، والجزئيون من الناس. ولكن الجوهر من هذه الأشياء هو جنس الأجناس، والإنسان هو نوع الأنواع. فأما الجسم فنوع للجوهر، وجنس للجسم المتنفس؛ والجسم المتنفس نوع للجسم، وجنس للحى؛ والحى أيضا نوع للجسم المتنفس، وجنس للحى الناطق؛ والحى الناطق نوع للحى، وجنس للإنسان. والإنسان نوع للحى الناطق، وليس هو جنسا للجزئيين من الناس، لكنه نوع فقط؛ وكل ما كان قريبا من الأشخاص فهو نوع فقط وليس بجنس. وكما أن الجوهر هو جنس الأجناس، لأنه فى أعلى منزلة، إذ ليس قبله شىء، كذلك الإنسان: فإنه نوع فقط، والنوع الأخير، ونوع الأنواع، كما قلنا، إذ هو نوع ليس دونه نوع، ولا شىء من الأشياء التى يتهيأ فيها أن تنقسم إلى أنواع، بل إنما دونه الأشخاص، فإن سقراط، وألقبيادس، وفلاطن أشخاص. فأما المتوسطة فإنها لما قبلها أنواع، ولما بعدها أجناس. فلذلك صار لها نسبتان: النسبة إلى ما قبلها التى بحسبها يقال إنها أنواع لها، والنسبة إلى ما بعدها التى بحسبها يقال إنها أجناس لها.
فأما الطرفان فإنما لهما نسبة واحدة؛ وذلك أن جنس الأجناس له نسبة إلى ما دونه، إذ هو أعلى الأجناس كلها، وليس له نسبة إلى شىء قبله، إذ كان فى أعلى منزلة، والمبدأ الأول.
ونوع الأنواع أيضا إنما له نسبة واحدة، وهى النسبة التى له إلى ما فوقه، وهى الأشياء التى هى نوع لها. وأما النسبة التى له إلى ما دونه، فليست غير تلك، إذ كان يقال له أيضا إنه نوع للأشخاص، إلا أنه نوع للأشخاص من قبل أنه يحويها، ونوع لما قبله من قبل أن الأشياء التى قبله تحويه.
فقد يحدون جنس الأجناس بأنه جنس وليس بنوع، ويحدونه أيضا بأنه الذى ليس فوقه جنس يعلوه.
ويحدون نوع الأنواع بأنه نوع وليس بجنس، والذى ليس هو نوع، لا يجوز لنا قسمته إلى الأنواع، هو المحمول على كثيرين مختلفين بالعدد من طريق ما هو.
Sayfa 73
والمتوسطات للطرفين يسمونها أجناسا بعضها تحت بعض، ويجعلون كل واحد منها نوعا وجنسا بالقياس إذا نسبوها إلى أشياء مختلفة. فأما التى ترتقى من قبل نوع الأنواع إلى جنس الأجناس، فيقال لها أنواع وأجناس، وأجناس بعضها تحت بعض؛ بمنزلة أغاممنن بن أطرود بن فابس بن طنطالس وآخر ذلك ابن ذيوس. ولكنهم فى النسب يرتقون إلى مبدإ واحد فى أكثر الأمر، وهو ذيوس مثلا. فأما فى الأجناس والأنواع فليس الأمر كذلك، لأن الموجود ليس هو جنسا واحدا عاما لجميعها، ولا كلها متفقة فى جنس واحد، هو أعلى منها، كما نقول: أرسطوطاليس. ولكنا نهب أن الأجناس الأول، على ما فى كتاب المقولات، عشرة، وأنها بمنزلة عشرة مباد أول، ومتى سماها إنسان موجودات، فإنما يسميها باتفاق الاسم، لابالتواطؤ. وذلك أن الموجود لو كان جنسا واحدا عاما لجميعها، لقد كانت تسمى كلها موجودات على طريق التواطؤ. فإذا كانت الأوائل عشرة، فإن الاشتراك بينها هو فى الاسم فقط، لا فى القول الذى بحسب الاسم. فأجناس الأجناس إذن عشرة. فأما أنواع الأنواع فقد توجد فى عدد ما، وليست بغير نهاية.
Sayfa 74
وأما الأشخاص التى هى بعد أنواع لأنواع، فبغير نهاية. وكذلك يأمر فلاطن المنحدرين من أجناس الأجناس إلى أنواع الأنواع أن يمسكوا عندها، وأن يكون انحدارهم إليها بمتوسطات، بعد أن يقسموها بالفصول المحدثة الأنواع، ويقول: إن الأشياء التى بغير نهاية ينبغى أن تترك، فإن العلم لا يحيط بها. وإذا انحدرنا إلى أنواع الأنواع، فيجب ضرورة أن تجمع الكثرة، لأن النوع جامع الكثير إلى طبيعة واحدة، والجنس فى ذلك أكثر جمعا منه. فأما الأشياء الجزئية والمفردة فضد ذلك، لأنها تقسم الواحد دائما إلى كثرة؛ وذلك أن الناس الكثيرين إنسان واحد فى اشتراك النوع، والإنسان الواحد العام كثير بالجزئيين فإن الشىء المفرد يقسم أبدا، والعام جامع.
Sayfa 75
وإذ قد وصفنا الجنس والنوع ما كل واحد منهما، وكان الجنس واحدا والأنواع كثيرة، لأن قسمة الجنس أبدا إلى أنواع كثيرة، فإن الجنس أبدا يحمل على النوع. وكل ما هو فوق يحمل على ما تحته؛ فأما النوع فليس يحمل إلا على الجنس القريب منه، ولا على الأجناس التى فوق ذلك الجنس، لأنها لا تنعكس. وذلك أنه ينبغى أن تكون الأشياء التى تحمل على أشياء إما مساوية لتلك التى تحمل عليها كحمل الصهيل على الفرس، وإما أن يكون أكثر منها كحمل الحيوان على الإنسان. فأما الأشياء التى هى أقل فليست تحمل على ما هو أكثر منها، لأنه ليس لك أن تقول: إن الحيوان إنسان كما تقول: إن الإنسان حيوان. والأشياء التى يحمل عليها النوع، يحمل عليها من الاضطرار جنس ذلك النوع، وجنس ذلك الجنس إلى أن تبلغ إلى جنس الأجناس. لأنه إن كان قولنا: «سقراط إنسان» صادقا، وإن الإنسان حيوان، وإن الحيوان جوهر، فقولنا: «إن سقراط حيوان وجوهر» صادق. فإذ كانت إذن الأشياء العالية تحمل على ما هو تحتها دائما، فالنوع يحمل على الشخص؛ والجلس على النوع، وعلى الشخص. وجنس الأجناس يحمل على الجنس والأجناس، إن كانت المتوسطة التى بعضها تحت بعض كثيرة، وعلى النوع، وعلى الشخص؛ وذلك أن جنس الأجناس يحمل على جميع الأجناس والأشخاص التى تحته. والجنس الذى قبل نوع الأنواع يحمل على جميع الاأنواع، وعلى الأشخاص. والنوع الذى هو نوع فقط، يحمل على جميع الأشخاص. والشخص يحمل على واحد فقط من الجزئيات.
والذى يوصف بأنه شخص هو بمنزلة سقراط، وذاك الأبيض، وهذا المقبل كأنك قلت: ابن سفرونسقوس، إن كان إنما له من البنين سقراط وحده. وإنما يقال لأمثال هذه الأشياء أشخاص، من قبل أن كل واحد منها قد يقوم من خواص لا يمكن أن توجد جملتها بعينها وقتا من الأوقات فى آخر غيره من الأشياء الجزئية؛ فإن خواص سقراط لا يمكن أن توجد فى آخر من الجزئيين. فأما خواص الإنسان، أعنى العام، فقد توجد بأعيانها فى كثيرين، لا بل فى جميع الناس الجزئيين، من جهة ماهم ناس. فالنوع إذن يحوى الأشخاص، والجنس يحوى النوع؛ لأن الجنس كل ما، والشخص جزء، والنوع كل، وجزء، غير أنه جزء لشىء آخر، وليس هو كل لآخر، لكنه كل فى أجزاء، ذلك أن الكل فى الأجزاء.
فقد وصفنا أمر الجنس والنوع، وقلنا ما جنس الأجناس، وما نوع الأنواع، وما الأشياء التى هى بأعيانها أجناس وأنواع، وما هى الأشخاص، وعلى كم جهة يقال الجنس والنوع.
Sayfa 76
[chapter 4: I 3] القول فى الفصل
أما الفصل فيقال عاما، وخاصا، وخاص الخاص. لأنه قد يقال فى شىء إنه يخالف بفصل عام، متى كان يخالف نفسه، أو غيره، بغيرية كيف كانت المخالفة. فإن سقراط يخالف أفلاطن بالغيرية؛ ويخالف نفسه أيضا: إذ كان صبيا فصار رجلا، وإذا كان يعمل شيئا وأمسك عنه، وفى اختلاف الأحوال دائما.
ويقال فى شىء إنه يخالف غيره بفصل خاص متى خالفه بعرض غير مفارق بمنزلة القنا، والشهلة، وأثر الجرح المندمل.
ويقال فى شىء إنه يخالف غيره بفصل خاص الخاص، متى كان يخالفه بفصل محدث للنوع، كالإنسان فإنه يخالف الفرس بفصل محدث للنوع، أعنى بطبيعة النطق.
Sayfa 77
وبالجملة فإن كل فصل قد يحدث للشىء الذى يوجد فيه اختلافا. غير أن الفصل الخاص والعام يحدثان غيرا، وخاص الخاص يحدث آخر، وذلك أن من الفصول ما يحدث غيرا، ومنها ما يحدث آخر. فالتى تحدث آخر سميت فصولا محدثة الأنواع، والتى تحدث غيرا تسمى فصولا على الإطلاق؛ لأن الحى إذا أضيف إليه فصل الناطق أحدث آخر، ونوعا للحى. فأما فصل التحرك فإنه إذا أضيف إلى الحى يجعله غير الساكن فقط. فمن الفصول إذن ما يحدث آخر، ومنها ما يحدث غيرا فقط.
فالفصول التى تحدث آخر، بها تكون قسمة الأجناس إلى الأنواع، وبها تستوفى الحدود، إذ كانت من جنس ومن أمثال هذه الفصول. فأما الفصول التى تحدث غيرا، فإنها تحدث عنها غيرية فقط، وتغايير الأحوال.
فينبغى أن نبتدىء من فوق أيضا فأقول: إن الفصول منها ما هى مفارقة، ومنها غير مفارقة؛ فالتحرك والسكون، وأن يصح الإنسان ويمرض، وما أشبه ذلك، فصول مفارقة. فأما أن يوجد أقنى أو أفطس، أو ناطق أو غير ناطق ففصول غير مفارقة؛ ومن غير المفارقة ما توجد بذاتها، ومنها على طريق العرض. وذلك أن الناطق موجود للإنسان بذاته، وكذلك المائت وقبول العلم. فأما أن يكون أقنى أوأفطس، فعلى طريق العرض لا بذاته. فالتى توجد لشىء بذاتها، فقد توجد فى قول الجوهر، وتحدث آخر. فأما التى هى على طريق العرض، فليست توجد فى حد قول الجوهر، ولا تحدث آخر، بل إنما تحدث غيرا فقط. والتى توجد بذاتها لا تقبل الأكثر والأقل. فأما التى هى على طريق العرض، فإنها تقبل الزيادة والنقصان، وإن كانت غير مفارقة، وذلك أن الجنس لا يحمل على ما هو له جنس بالأكثر والأقل، ولا فصول الجنس أيضا التى بها يقسم، لأن هذه الفصول هى المتممة لحد كل واحد. والوجود لكل واحد واحد بعينه غير قابل للزيادة والنقصان. فأما أن يكون أقنى، أو أفطس، أو ملونا بضرب من الألوان، فقد يزيد وينقص.
Sayfa 78
فإذ كنا نجد أنواع الفصل ثلاثة، وكان منها ما هو مفارق، ومنها غير مفارق، ومن غير المفارق أيضا منها ما هى بذاتها ومنها ما هى على طريق العرض، فالفصول أيضا التى هى بذاتها منها ما بها تقسم الأجناس إلى الأنواع، ومنها ما بها تصير المنقسمة أنواعا. مثال ذلك أنه لما كانت الفصول الموجودة للحى بذاتها هى هذه: المتنفس والحساس، والناطق وغير الناطق، والمائت وغير المائت، صار فصلا المتنفس والحساس مقومين لجوهر الحى؛ لأن الحى هو جوهر حساس متنفس. فأما فصول المائت وغير المائت، والناطق وغير الناطق، فمقسمة للحى لأنها تقسم الأجناس إلى الأنواع. غير أن هذه الفصول المقسمة للأجناس قد تكون متممة ومقومة للأنواع، لأن الحى ينقسم بفصل الناطق وفصل غير الناطق، وبفصل الميت أيضا وغير الميت. ولكن فصلى المائت والناطق مقومان للإنسان، وفصلى الناطق وغير المائت مقومان للملك، وفصلى غير الناطق والمائت مقومان للحيوانات غير الناطقة. وكذلك أيضا الجوهر الأعلى، لما كانت له فصول تقسمه، وهى المتنفس وغير المتنفس، والحساس وغير الحساس، صار فصلا المتنفس وغير المتنفس، إذا حصلا مع الجوهر، أحدثا الحى.
فإن هذه الفصول بأعيانها إذا ما أخذت بنحو من الأنحاء تكون مقومة، وإذا أخذت بنحو آخر تصير مقسمة، سميت بأجمعها محدثة الأنواع. والحاجة فى قسمة الأجناس، والحاجة فى الحدود، إنما هى إلى هذه الفصول خاصة، لا إلى الفصول غير المفارقة التى على طريق العرض، والحدود فأحرى ألا تحتاج إلى المفارقة.
Sayfa 79
وقد يحدون هذه الفصول ويقولون: إن الفصل هو الذى به يفضل النوع على الجنس. وذلك أن الإنسان له شىء يفضل به على الحى، وهو الناطق والمائت؛ لأن الحى ليس هو واحدا من هذين، وإلا فمن أين اقتنت الأنواع فصولا؟ ولا الفصول أيضا المتقابلة بأجمعها له، ولا صارت الفصول المتقابلة لشىء واحد بعينه معا. ولكن الفصول التى تحته هى له بأجمعها بالقوة، على حسب ما يعتقدون؛ فأما بالفعل فليس هى له، ولا واحد منها. وعلى هذه الجهة لا يكون شىء من أشياء غير موجودة، ولا تكون المتقابلات فى شىء واحد بعينه معا.
وقد يحدون الفصل أيضا على هذه الجهة: الفصل هو المحمول على كثير[ين] مختلفين بالنوع من طريق أى شىء هو. لأن الناطق والمائت محمولان على الإنسان، ويقال الإنسان بهما من طريق أى شىء هو، لا من طريق ما هو، وذلك إذا سئلنا عن الإنسان ما هو؟ فالأولى أن نقول إنه حيوان. وإذا سئلنا عنه أى شىء هو؟ فإن الأولى أن نصفه بأنه ناطق مائت؛ وذلك أن الأشياء مقومة من مادة وصورة، أو من أشياء قوامها مما هو نظير للمادة والصورة؛ فكما أن التمثال من مادة أى من النحاس، ومن صورة أى من شكل التمثال، كذلك الإنسان أيضا العام والنوعى فإنه من شىء نظير المادة وهو الجنس، ومن صورة وهى الفصل. وهذه الجملة، أعنى حيا ناطقا مائتا، هى الإنسان، كما أن تلك هى التمثال.
وقد يرسمون أمثال هذه الفصول أيضا هكذا: الفصل هو الذى من شأنه أن يفرق بين ما تحت جنس واحد بعينه؛ لأن الناطق وغير الناطق يفرقان بين الإنسان والفرس، اللذين هما تحت جنس واحد، أى الحى.
وقد يصفونه أيضا بهذه الصفة:الفصل هو ما به تختلف أشياء ليست تختلف فى الجنس. فإن الإنسان والفرس لا يختلفان فى الجنس، لأنا نحن وغير الناطقين حيوان، ولكن إذا أضيف إلى الحيوان الناطق، فصلنا منهم. ونحن والملائكة ناطقون، لكن إذا أضيف إلينا المائت، فصلنا منهم.
Sayfa 80
ولما زادوا فى شرح أمر الفصل قالوا: إن الفصل ليس هو أى شىء اتفق مما يفرق من أشياء تحت جنس واحد بعينه، لكن هو الشىء النافع فى الإنية، وفيما هو الشىء، والشىء الذى هو جزء من المعنى. لأن ليس قولنا فى الإنسان: إن من شأنه استعمال الملاحة فصلا له، وإن كان خاصا للإنسان. لأنه لو كان فصلا للإنسان، لقد كنا نقول: إن من الحيوان ما من شأنه استعمال الملاحة، ومنه ما ليس من شأنه ذلك، فنفصله من سائر الحيوان. ولكن قولنا:إن من شأنه استعمال الملاحة لم يكن متمما للجوهر، ولا جزءا له، ولكنه تهيؤ للجوهرفقط، بسبب أنه ليس هو من الفصول التى توصف بأنها محدثة للأنواع. فالفصول إذن المحدثة للأنواع هى التى تحدث نوعا آخر، والتى توجد فيما هو الشىء.
وقد نكتفى فى هذا الفصل بهذا المقدار.
[chapter 5: I 4] القول فى الخاصة
وقد يقسمون الخاصة على أربع جهات:
وذلك أن منها ما يعرض لنوع ما وحده، وإن لم يعرض لكله، كالطب والهندسة للإنسان.
ومنها ما يعرض للنوع كله، وإن لم يعرض له وحده، كذى الرجلين للإنسان.
Sayfa 81
ومنها ما يعرض للنوع وحده، ولجميعه، وفى بعض الأوقات، كالشمط لجميع الناس فى وقت الشيخوخة.
والخاصة الرابعة هى التى يجتمع فيها أنها تعرض لجميع النوع، وله خاصة، وفى كل وقت كالضحك للإنسان وإن لم يضحك دائما؛ ولكن يقال له ضحاك من طريق أن من شأنه أن يضحك، لا لأنه يضحك دائما. وهذه الخاصة أبدا هى غريزته فيه ، كالصهيل للفرس. ويسمون هذه خواصا على الحقيقة لأنها تنعكس؛ وذلك أنه إن كان الفرس موجودا، فالصهيل موجود، وإن كان الصهيل موجودا، فالفرس موجود.
[chapter 6: I 5] القول فى العرض
والعرض هو ما يكون ويبطل من غير فساد الموضوع له.
وهو ينقسم قسمين: وذلك أن منه مفارقا، ومنه غير مفارق. فإن النوم عرض مفارق، والسواد عرض غير مفارق للغراب والزنجى؛ وقد يمكن أن يتوهم غراب أبيض، وزنجى قد ذهب عنه لونه، من غير فساد الموضوع.
وقد يحدونه أيضا بهذا الحد: العرض هو الذى يمكن فيه أن يوجد لشىء واحد بعينه وألا يوجد.
أو هو الذى ليس بجنس، ولا فصل، ولا نوع، ولا خاصة، وهو أبدا قائم فى موضوع PageV01P08 2
[book 2] الفصل الثانى من إيساغوجى وهو الكلام فى الاشتراك والاختلاف الذى بين هذه الخمسة
[chapter 7: II Preface]
فإذ قد حددت وميزت جميع الأشياء التى قصدنا نحوها، أعنى الجنس، والفصل، والنوع، والخاصة، والعرض، فينبغى أن نقول ما الأشياء التى تعمها، وما التى تخصها.
[chapter 8: II 1]
فالعام لها كلها هو أنها تحمل على كثيرين غير أن الجنس يحمل على الأنواع والأشخاص؛ والفصل أيضا يحمل على ذلك المثال؛ والنوع يحمل على الأشخاص التى تحته؛ والخاصة تحمل على النوع التى هى له خاصة، وعلى الأشخاص التى تحت ذلك النوع؛ والعرض يحمل على الأنواع وعلى الأشخاص، وذلك أن الحى يحمل على الخيل وعلى الكلاب إذ هى أنواع وعلى الفرس المشار إليه، وعلى الكلب المشار إليه، إذ هما شخصان. وغير الناطق يحمل على الفرس والكلب، وعلى الجزئيين منهم. فالنوع، كأنك قلت الإنسان، يحمل على الجزئيين من الناس فقط. والخاصة كالضحك تحمل على الإنسان، وعلى الجزئيين من الناس.
والأسود يحمل على نوع الغربان، وعلى الجزئيين من الغربان، وهو عرض غير مفارق. والتحرك [هو] يحمل على الإنسان، وعلى الفرس، وهو عرض غير مفارق؛ ولكنه يحمل أولا على الأشخاص، ويحمل ثانيا على الأشياء التى تحوى الأشخاص.
Sayfa 83
[chapter 9: II 2] الاشتراك والاختلاف بين الجنس والفصل ثلاثة اشتراكات وستة اختلافات
فالشىء العام للجنس والفصل هو أنهما يحويان أنواعا؛ وذلك أن الفصل أيضا يحوى أنواعا، وإن لم يكن يحوى جميع ما تحويه الأجناس. وذلك أن الناطق، وإن لم يكن يحوى غير الناطق كالحيوان، فإنه يحوى الإنسان والملك اللذين هما أنواع.
وأيضا فكل ما يحمل على الجنس من طريق ما هو جنس، فإنه يحمل على ما تحته من الأنواع. وكل ما يحمل على الفصل من طريق ما هو فصل، فإنه يحمل على النوع الذى عنه يحدث. فإن الحى، الذى هو جنس من طريق ما هو جنس، قد يحمل عليه الجوهر والمتنفس، وهذان أيضا قد يحملان على جميع الأنواع التى تحت الحى إلى أن نبلغ إلى الأشخاص. والناطق، إذ هو فصل، قد يحمل عليه من طريق ما هو فصل استعمال النطق. وليس إنما يحمل استعمال النطق على الناطق فقط، لكنه قد يحمل أيضا على الأنواع التى تحت الناطق.
ويعم الجنس والفصل أنهما أيضا إذا ارتفعا، ارتفع ما تحتهما. فكما أنه متى لم يوجد حيوان لم يوجد فرس ولا إنسان، كذلك متى لم يوجد ناطق، لم يوجد شىء من الحيوان المستعمل للنطق.
[chapter 10: II 3]
Sayfa 84
والشىء الذى يخص الجنس أنه يحمل على أكثر مما يحمل عليه الفصل، والنوع والخاصة، والعرض. وذلك أن الحيوان يحمل على الإنسان، وعلى الفرس، والطير، والحية، وذى أربع. وذو أربع يحمل على ماله أربعة أرجل فقط. والإنسان يحمل على الأشخاص وحدها. والصهيل يحمل على الفرس، وعلى الجزئيين. والعرض على ذلك المثال يحمل على أقل مما يحمل عليه الجنس. وينبغى أن تأخذ من الفصول الفصول التى بها ينقسم الجنس، لا المتممة لجوهر الجنس.
وأيضا فإن الجنس يحوى الفصل بالقوة؛ لأن الحى منه ناطق ومنه غير ناطق. والفصول ليست تحوى الأجناس.
وأيضا فإن الأجناس أقدم من الفصول التى دونها، ولذلك ترفعها ولا ترتفع بارتفاعها؛ لأن الحى، متى ارتفع، ارتفع الناطق وغير الناطق. وأما الفصول فليست ترفع الجنس؛ وذلك أن الفصول، إن ارتفعت كلها، بقى الجوهر المتنفس الحساس متوهما، وقد كان ذلك الجوهر هو الحى.
وأيضا فإن الجنس يحمل من طريق ما الشىء، والفصل يحمل من طريق أى شىء هو.
وأيضا فإن الجنس فى كل واحد من الأنواع واحد، بمنزلة الحى فى الإنسان. فأما الفصول فأكثر من واحد، كأنك قلت: ناطق مائت قابل للعلم والعقل، وهذه الفصول التى بها يخالف الإنسان سائر الحيوان.
وأيضا فإن الجنس يشبه المادة، والفصل يشبه الخلقة.
وقد يوجد للجنس والفصل أشياء أخر مع ما وصفنا تعمها وتخصها، غيرأنا نكتفى بهذه.
Sayfa 85
[chapter 11: II 4] الاشتراك والاختلاف بين الجنس والنوع ثلاثة اشتراكات وستة اختلافات
والجنس والنوع قد يعمهما — كما وصفنا — أنهما يقالان على كثيرين؛ وينبغى أن يستعمل النوع على أنه نوع، لا على أنه جنس، متى وجدنا الواحد بعينه نوعا وجنسا. ومما يعمهما أيضا أنهما يتقدمان الأشياء التى يحملان عليها. وأن كل واحد منهما أيضا كل ما.
[chapter 12: II 5]
ويختلفان بأن الجنس يحوى الأنواع، والأنواع تحوى من الأجناس، ولا تحوى الأجناس. وذلك أن الجنس يفضل على النوع.
وأيضا فإن الأجناس ينبغى أن تقدم فتوضع، فإذا تصورت بالفصول أن تحدث الأنواع. ولذلك ما صارت الأجناس أقدم فى الطبع، وترفع ولا ترتقع بارتفاع غيرها؛ ولذلك فمتى وجد نوع وجد الجنس، فأما متى وجد الجنس، فليس يوجد النوع لا محالة.
و أيضا فإن الأجناس تحمل على الأنواع على طريق التواطؤ؛ فأما الأنواع فليست تحمل على الأجناس.
وأيضا فإن الأجناس تفضل على الأنواع التى دونها باحتوائها عليها، والأنواع تفضل على الأجناس بالفصول التى تخصها. وأيضا فإنه لا النوع يكون جنس الأجناس، ولا الجنس نوع الأنواع.
Sayfa 86
[chapter 13: II 6] الاشتراك والاختلاف بين الجنس والخاصة ثلاثة اشتراكات وخمسة اختلافات
والجنس والخاصة يعمهما أنهما تابعان للأنواع؛ وذلك أنه متى كان الإنسان موجودا، فالحى موجود؛ ومتى كان الإنسان موجودا، فالضحاك موجود.
ويعمهما أيضا أن الجنس يحمل على الأنواع بالسوية، وكذلك الخاصة على الأشياء التى تشترك فيها، وذلك أن الإنسان والثور حيوان بالسوية؛ وأنوطوس وميلوطس ضحاكان بالسوية
[ويعمهما أيضا أن الجنس يحمل على الأنواع التى دونه على طريق التواطؤ، وكذلك الخاصة على الأشياء التى هى خاصة لها.
[chapter 14: II 7]
ويختلفان بأن الجنس أقدم من الخاصة، إذ الحيوان يوجد أولا، ثم يقسم تبعا لفصوله وخواصه. وأن الجنس يحمل على أنواع كثيرة، والخاصة لا تحمل إلا على النوع الذى هى خاصة له. وأيضا فإن الخاصة تحمل على الشىء الذى هى خاصة له، فأما الجنس فلا ينعكس؛ فليس يجب إذا كان الحيوان موجودا أن يوجد الإنسان، وكذلك ليس يجب إذا كان الحيوان موجودا أن يوجد الضحاك. أما إذا كان الإنسان موجودا، فالضحاك موجود. وأيضا فإن الخاصة توجد للنوع الذى هى خاصة له، وحده، ودائما، ولجميعه. أما الجنس فيوجد للنوع الذى هو جنس له، دائما ولجميعه، ولكن لا للنوع وحده كالحال فى الخاصة. وأخيرا فإن الخواص إذا رفعت، فلا ترفع الأجناس برفعها؛ أما الأجناس فإنها ترفع بارتفاعها الأنواع التى توجد فيها الخواص. فإذا رفعت الأشياء التى توجد فيها الخواص ارتفعت الخواص بارتفاعها.
Sayfa 87