إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢)﴾ [الصف: ١١، ١٢].
فطوبى لمن امتثل أمر مولاه، وأطاعه في جميع ما منَّ به عليه وأولاه، وباع منه نفسه الخسيسة بنَيْل الدرجات، والحصول على أعظم المثوبات، وعمل على الوفاء بكريم عهده، وبذل في مرضاته ما ملكه
تصديقًا لصادق وعده، إذ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١١١].
فيا لها من بيعة ما أعظم ربح صفقتها!، ويا لها من تجارة ما أسرع نُجْحَ نفقتها!، ربحتَ والله أيها البائع؛ في بيعِ ما أحل لك بيعه بما عنده من الودائع، وحصلت على الِإكسير الأعظم الذي لا يُخاف نفاده، ولا ينقطع إمداده. وكيف لا والشُّهداء مخصوصون بدرجات عالية، ومقامات سامية؛ أجسامهم لا تبلى، وأرواحهم عند المليك الأعلى؛ في النعيم الدَّائم يتقلبون، وبرضى مولاهم يستبشرون؛ لا يخافون فتنة القبور، ولا يحزنهم الفزع الأكبر يوم ينفخ في الصور.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩].
والآيات في ذلك كثيرة، وفيما ذُكر كفاية.
وأما الأحاديث النبوية: فمنها ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة
1 / 24