Akıl Salim'e Kuran'ın Mucizelerini Gösteren Rehber
تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم
Yayıncı
دار إحياء التراث العربي
Yayın Yeri
بيروت
وغير ذلك من فنون الكفر المؤدي إلى الهلاك الروحاني والتنكيرُ للدلالة على كونه نوعًا مُبهمًا غيرَ ما يتعارفه الناس من الأمراض والجملةُ مقرِّرة لما يفيده قوله تعالى ﴿وَمَا هُم بمؤمنين﴾ من استمرارعدم إيمانهم أو تعليلٌ له كأنه قيل ما لهم لا يؤمنون فقيل في قلوبهم مرض يمنعه
﴿فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾ بأن طُبع على قلوبهم لعلمه تعالى بأنه لا يؤثر فيها التذكيرُ والإنذار والجملةُ معطوفةٌ على ما قبلها والفاء للدِلالة على ترتيب مضمونِها عليه وبه اتضح كونُهم من الكفرة المختومِ على قلوبهم مع زيادة بيانِ السبب وقيل زادهم كفرًا بزيادة التكاليف الشرعية لأنهم كانوا كلما ازداد التكاليفُ بنزول الوحي يزدادون كفرًا ويجوز أن يكون المرض مستعارًا لما تداخلَ قلوبَهم من الضعف والجُبن والخَوَر عند مشاهدتهم لعزة المسلمين فزيادتُه تعالى إياهم مرضًا ما فعل بهم من إلقاء الرَّوْع وقذف الرعب في قلوبهم عند إعزازِ الدين بإمداد النبيِّ ﷺ بإنزال الملائكة وتأييدِه بفنون النصر والتمكين فقولُه تعالى فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ الخ حينئذ استئنافٌ تعليلي لقوله تعالى يخادعون الله الخ كأنه قيل ما لهم يخادعون ويداهنون ولم لا يجاهرون بِمَا فِي قُلُوبِهِم من الكفر فقيل في قلوبهم ضَعفٌ مضاعَف هذه حالُهم في الدنيا
﴿وَلَهُمْ﴾ في الآخرة
﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي مؤلم يقال ألمٌ وهو أليم كوجعٍ وهو وجيع وُصف به العذابُ للمبالغةِ كما في قولِهِ ... تحيةٌ بينِهم ضربٌ وجيع ... على طريقةِ جَدَّ جِدُّه فإن الألم والوجعَ حقيقةٌ للمؤلم والمضروب كما أن الجِدّ للجادّ وقيل هو بمعنى المؤلم كالسميع بمعنى المُسمع وليس ذلك بثبْتٍ كما سيجيء في قوله تعالى ﴿بديع السماوات والارض﴾ ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ﴾ الباء للسببية أو للمقابلة وما مصدرية داخلة في الحقيقة على يكذبون وكلمة كانوا مقحمة لإفادة دوامِ كذِبهم وتجدُّدِه أي بسبب كذبهم أو بمقابلة كذبهم المتجددِ المستمرِّ الذي هو قولهم آمنا بالله وباليوم الأخر وهم غير مؤمنين فإنه إخبارٌ بإحداثهم الإيمانَ فيما مضى لا إنشاءٌ للإيمان ولو سلم فهو متضمن للإخبار بصدوره عنهم وليس كذلك لعدم التصديق القلبي بمعنى الإذعان والقبولِ قطعًا ويجوزأن يكون محمولًا على الظاهر بناءً على رأي من يجوِّز أن يكون لكان الناقصةِ مصدر كما صُرِّح به في قول الشاعر ... ببذل وحلم وساد في قومه الفتى وكونُك إياه عليك يسيرُ ... أي لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بسببِ كونهم يكذِبون على الاستمرار وترتيبُ العذاب عليه من بين سائر موجباته القويةِ إما لأن المرادَ بيانُ العذاب الخاصّ بالمنافقين بناءً على ظهور شِركتِهم للمجاهرين فيما ذُكِرَ من العذابِ العظيم حسبَ اشتراكهم فيما يوجبه من الإصرار على الكفر كما ينبئ عنه قولُهُ تعالَى ﴿وَمِنَ الناس﴾ الخ وإما للإيذان بأن لهم بمقابلة سائرِ جناياتِهم العظيمةِ من العذاب مالا يوصف وإما للرمز إلى كمال سماجةِ الكذب نظرًا إلى ظاهر العبارةِ المخيّلةِ لانفراده بالسببية مع إحاطة علمِ السامعِ بأن لحوقَ العذاب بهم من جهات شتى وأن الاقتصارَ عليه للإشعار بنهاية قُبحه والتنفير عنه عن الصدِّيقِ ﵁ ويروى مرفوعًا أيضًا إلى النبيِّ ﷺ إياكم والكذبَ فإنه مجانبٌ للإيمان وما روي أن إبراهيمَ ﵇ كذَبَ ثلاثَ كَذَباتٍ فالمرادُ به التعريضُ وإنما سمِّي به لشَبَهه به صورةً وقيل ما موصولةٌ والعائدُ محذوفٌ اي بالذي يكذبونه وقرىء يكذبون والمفعول محذوف وهو إما للنبي ﷺ أو القرآن وما مصدرية أي سبب تكذيبهم إياه ﵇ أو القرآن أو موصولة أي بالذي يكذبونه على أن العائد محذوف ويجوز أن يكون صيغةُ التفعيل للمبالغة كما في بيَّن بان وقلص
1 / 42