Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haq min 'Ilm al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
Araştırmacı
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
Yayıncı
دار الكتاب العربي
Baskı Numarası
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
Yayın Yılı
١٩٩٩م
يَأْذَنُ فِي الْقِتَالِ إِلَّا لِمَنْ بَلَغَ سِنَّ التَّكْلِيفِ١.
وَالْأَدِلَّةُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ.
وَلَمْ يَأْتِ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ يَصْلُحُ لِإِيرَادِهِ كَقَوْلِهِمْ: إِنَّهُ قَدْ صَحَّ طَلَاقُ السَّكْرَانِ، وَلَزِمَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ، وَقِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ.
وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ سَاقِطٌ، لِخُرُوجِهِ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فِي أحكام التكليف، لَا فِي أَحْكَامِ الْوَضْعِ، وَمِثْلُ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ الْوَضْعِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُون﴾ ٢، حَيْثُ قَالُوا: إِنَّهُ أَمْرٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ، وَمَنْ لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ لَا يَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ، فَقَدْ كَلَّفَ مَنْ لَا يَفْهَمُ التَّكْلِيفَ.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنِ السُّكْرِ عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ، فَالنَّهْيُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقَيْدِ.
وَرُدَّ أَيْضًا بِغَيْرِ هَذَا مِمَّا لَا حَاجَةَ إِلَى التَّطْوِيلِ بِذِكْرِهِ.
وَوَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ: هَلِ الْمَعْدُومُ مُكَلَّفٌ أَمْ لَا؟.
فَذَهَبَ الْأَوَّلُونَ إِلَى الْأَوَّلِ وَالْآخِرُونَ إِلَى الْآخَرِ.
وَلَيْسَ مُرَادُ الْأَوَّلِينَ بِتَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ أَنَّ الْفِعْلَ، أَوِ الْفَهْمَ مَطْلُوبَانِ مِنْهُ حَالَ عَدَمِهِ، فَإِنَّ بُطْلَانَ هَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ، فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ مَا أَوْرَدَهُ الْآخَرُونَ مِنْ أَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ تَكْلِيفُ النَّائِمِ، وَالْغَافِلِ، امْتَنَعَ تَكْلِيفُ الْمَعْدُومِ "بطريق الأولى"*، بل مرادهم التعليق الْعَقْلِيُّ، أَيْ: تَوَجُّهُ الْحُكْمِ فِي الْأَزَلِ إِلَى مَنْ عَلِمَ اللَّهُ وُجُودَهُ، مُسْتَجْمِعًا شَرَائِطَ التَّكْلِيفِ.
_________
* في "أ": بالأولى.
_________
١ مثاله: ما ورد عن ابن عمر ﵁، أن النبي ﷺ "عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمسة عشر سنة فأجازه". أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار باب غزوة الخندق وهي الأحزاب "٤٠٩٧". والنسائي في الطلاق باب متى يقع طلاق الصبي "٣٤٣١" "٦/ ١٥٦"، والترمذي في كتاب الأحكام باب ما جاء في حد بلوغ الرجل والمرأة "١٣٦١" وابن ماجه في كتاب الحدود، باب من لا يجب عليه الحد "٢٥٤٣"، وأبو داود، في كتاب الخراج والفيء والإمارة باب متى يفرض للرجل في المقاتلة "٢٩٥٧"، وأحمد في المسند "٢/ ١٧".
٢ جزء من آية طويلة في سورة النساء "٤٣".
1 / 38