Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haq min 'Ilm al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
Araştırmacı
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
Yayıncı
دار الكتاب العربي
Baskı Numarası
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
Yayın Yılı
١٩٩٩م
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ دُخُولَ هَذِهِ الْقَبَائِحِ فِي الْوُجُودِ. إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الِاضْطِرَارِ، أَوْ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْقَوْلُ بِالْقُبْحِ بَاطِلٌ.
بَيَانُ الْأَوَّلِ: أَنَّ فَاعِلَ الْقَبِيحِ. إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنَ التَّرْكِ أَوْ لَا يَكُونَ فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ التَّرْكِ فَقَدْ ثَبَتَ الِاضْطِرَارُ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنَ التَّرْكِ. فَإِمَّا يَتَوَقَّفُ رُجْحَانُ الْفَاعِلِيَّةِ عَلَى التَّارِكِيَّةِ، عَلَى مُرَجِّحٍ أَوْ لَا يَتَوَقَّفُ، إِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَاتِّفَاقِيٌّ، لَا اخْتِيَارِيٌّ، لِعَدَمِ الْإِرَادَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ، فَذَلِكَ الْمُرَجِّحُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ لَا مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، فَالْأَوَّلُ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ، فَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلَ١، وَهُوَ مُحَالٌ، وَالثَّانِي يُقَالُ فِيهِ: إِنَّ عِنْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الْمُرَجِّحِ إِمَّا أَنْ يَجِبَ "وُقُوعُ"*، الْأَثَرِ أَوْ لَا، فَإِنْ وَجَبَ فَقَدْ ثَبَتَ الِاضْطِرَارُ؛ لِأَنَّ قَبْلَ وُجُودِ هَذَا الْمُرَجِّحِ كَانَ الْفِعْلُ مُمْتَنِعَ الْوُقُوعِ، وَعِنْدَ وُجُودِهِ صَارَ وَاجِبَ الْوُقُوعِ، وَلَيْسَ وُقُوعُ هَذَا الْمُرَجِّحِ بِالْعَبْدِ أَلْبَتَّةَ، فَلَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ تَمَكُّنٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، وَلَا مَعْنًى لِلِاضْطِرَارِ إِلَّا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حُصُولُ هَذَا الْمُرَجِّحِ لَا يَمْتَنِعُ وُجُودُ الْفِعْلِ تَارَةً، وَعَدَمُهُ أُخْرَى، فَتَرْجِيحُ جَانِبِ الْوُجُودِ عَلَى جَانِبِ الْعَدَمِ، إِمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى انْضِمَامِ مُرَجِّحٍ إِلَيْهِ أَوْ لَا يَتَوَقَّفَ، إِنْ تَوَقَّفَ لَمْ يَكُنِ الْحَاصِلُ قَبْلَ ذَلِكَ مُرَجِّحًا تَامًّا، وَقَدْ فَرَضْنَاهُ مُرَجِّحًا تَامًّا هَذَا خُلْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا تَرْجِيحَ أَلْبَتَّةَ وَإِلَّا لَعَادَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ.
وَإِنْ كَانَ حُصُولُ ذَلِكَ الْمُرَجِّحِ لَا مِنَ الْعَبْدِ وَلَا مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ وَاقِعًا لَا لِمُؤَثِّرٍ فَيَكُونُ اتِفَاقِيًّا.
وَرُدَّ هَذَا الْجَوَابُ: بِأَنَّ الْقَادِرَ يُرَجِّحُ الْفَاعِلِيَّةَ عَلَى التَّارِكِيَّةِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ.
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الرَّدِّ: بِأَنَّ تَرْجِيحَ الْقَادِرِ إِنْ كَانَ لَهُ مَفْهُومٌ زَائِدٌ عَلَى كَوْنِهِ قَادِرًا، كَانَ تَسْلِيمًا لِكَوْنِ رُجْحَانِ الْفَاعِلِيَّةِ عَلَى التَّارِكِيَّةِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا عِنْدَ انْضِمَامِ آخَرَ إِلَى الْقَادِرِيَّةِ، فَيَعُودُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفْهُومٌ زَائِدٌ "لَمْ يَبْقَ"** لِقَوْلِكُمْ: الْقَادِرُ يُرَجِّحُ أَحَدَ مَقْدُورَيْهِ عَلَى الْآخَرِ إِلَّا مُجَرَّدَ أَنَّ صِفَةَ الْقَادِرِيَّةِ مُسْتَمِرَّةٌ فِي الْأَزْمَانِ كُلِّهَا، ثُمَّ إِنَّهُ يُوجَدُ الْأَثَرُ فِي بَعْضِ تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ دُونَ بَعْضٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَادِرُ قَدْ رَجَّحَهُ، وَقَصَدَ إِيقَاعَهُ، وَلَا مَعْنَى لِلِاتِّفَاقِ إِلَّا ذَلِكَ.
وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ مِنَ التَّعَسُّفِ٢، لِاسْتِلْزَامِهِ نَفْيَ الْمُرَجِّحِ مُطْلَقًا، وَالْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ حَاصِلٌ لِكُلِّ عَاقِلٍ، بِأَنَّ الظُّلْمَ وَالْكَذِبَ وَالْجَهْلَ قَبِيحَةٌ عِنْدَ الْعَقْلِ، وَأَنَّ العدل والصدق
_________
* في "أ": قبول.
** في "أ": لم يكن.
_________
١ هو ترتيب أمور غير متناهية ا. هـ التعريفات "٨٠".
٢ تعسف في كلام، أي: تكلف. ا. هـ المعجم الوسيط مادة عسف.
1 / 29