وتأمل رب الخورنق إذ أشرف يوما وللهدى تفكير
شاده مرمرا وجلله كل سا والطير في ذراه وكور
سره حاله وكثرة ما يملك والبحر معرض والسدير
فارعوى قلبه وقال فما لذة حي إلى الممات يصير
فهذا رجل قصر أمله، وذكر أجله ففاز بالرضاء والرضوان، ومجاورة الرحمن في غرف الجنان، والنعيم الذي لا يفنى، والملك الذي لا يبلى، ولا آفة أعظم من نسيان الموت والفناء، وتطويل الأمل في هذه الدنيا، فإن ذلك يورث الانخراط في سلك الذنوب، والتلطخ بأقذار العيوب.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أكثروا من ذكر الموت، وكونوا من الله على حذر)(1) فمن كان يؤمل أن يعيش غدا يؤمل أن يعيش أبدا، ومن كان يؤمل أن يعيش أبدا يقسو قلبه، ورغب في الدنيا، وزهد فيما هدى ربه.
فنسأل الله تعالى التوفيق لاستشعار الموت، وحسن الاستعداد لحلول الفوت، ومنه التأييد والإعانة.
انفتاح باب الحسد
من أردأ الخلال وأخبثها وأسخفها، والاستقباح له شائع، والقلوب مع ذلك عليه مجبولة، والحسد أردأ من البخل، فإن الحاسد يبخل بنعم الله الفائضة على غيره، وصاحبه لا يزال في عناء وتعب ؛ لكثرة ما يراه من النعم المتجددة على نظرائه وأشكاله ومعارفه.
وقال بعضهم: لو كان أمر الحاسد إلي ما عاقبته بأكثر مما هو فيه، نفس دائم، وحزن لازم، والحاسد مهموم مهجور، والمحسود منعم منصور.
Sayfa 97