المعرفة الأولى منها: بيان وجوب التوبة

قد ثبت أن العقلاء يوجبون دفع الضرر عن النفس، ويذمون من أخل بذلك، ولهذا من ظهرت فيه أمارات الجذام فإن العقلاء يوجبون عليه دفع ذلك بالأدوية الكريهة الشاقة، فكيف لا يجب دفع الداء العظيم، والذنب الجسيم، الذي لا مضرة أعظم منه ؛ لأنه يؤدي إلى العقاب الذي لا أعظم منه يتصور في العقول أبدا، وأيضا فإن من أساء إلى غيره فإن العقلاء يوجبون عليه الاعتذار إليه، ويذمونه على تركه، فإن كان المساء عليه منعما على المسيء كان وجوب الاعتذار والتوبة من إساء ته آكد، وكلما كثرت النعمة كان حكم الأساء ة أعظم، ووجوب الاعتذار والتوبة من إساء ته آكد، ولا نعمة أعلى من نعمته تعالى على عباده، ولا يتصور أعظم من قبح إساء تهم إليه جل وعز ؛ لما بينا أنهم يعصونه بنفس نعمته، وفي حال وصولها إليهم، وغير ذلك، فوجوب التوبة والاعتذار إليه تعالى آكد مما في الشاهد ؛ ولهذا قال تعالى: { توبوا إلى الله توبة نصوحا } وقال تعالى: { وأنيبوا إلى ربكم } (1) وغير ذلك.

Sayfa 319