204

İrşad

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

Türler

Tasavvuf

فكأنه تعالى قال: يا عبادي أحب أن يكون بيني وبينكم معرفة، فتعرفوني كما أنا أعلمكم، وتعرفون صفاتي وعظمتي وسلطاني وغنائي عنكم وحاجتكم إلي، وتعرفون عدلي في قضائي وحكمي، وتعرفون خاصتي، وعظماء أهل خدمتي، وهم الملائكة عليهم السلام، والأنبياء المرسلون صلوات الله عليهم أجمعين، وأحب أن تعرفوا كلامي بحيث لا تكونون ممن هو بعيد عني لأدخلكم في جملة خدمي وخواصي، وأملككم مالا تملكون وأصيركم إلى ما تشتهون، وأجعلكم في الدنيا أشرافا تهابكم الملوك الجبابرة، وفي الآخرة ملوكا بحيث تقولون للشي ء: كن. فيكون بإذني وإرادتي، ويعظمكم خواص خدمي، وعظماء أهل مملكتي، ويخدمونكم ويصرفون عنكم الأسواء، وينتقمون لكم من الأعداء فهذا في غاية الإنعام، فلو أن خدام بعض الملوك دعا واحدا من الناس إلى أن يتعرف به، ويدنيه إلى الملك لعد ذلك نعمة عظيمة، فكيف إذا كان الداعي إلى ذلك هو الملك، وكيف إذا كان الملك هو الله تعالى ودعا إلى ما ذكرنا.

والآن يقع الإرشاد إلى هذه الأحوال الخمسة، ونقدم الأصل الأول، وهو معرفة الله وما يتعلق بذلك ؛ لأنه لا يصح التقرب إليه تعالى بالأصول الأربعة إلا بعد معرفته، كما لا يمكن الإنسان أن يطيع من لا يعرفه ويخدم من لا يعلمه.

Sayfa 208