وأما آداب المتعلم
فهو أن يقصد بالعلم وجه الله والدار الآخرة، ويكون كثير الورع، قليل الطمع مواظبا على العلم، مترديا بالحلم، لابسا للوقار، مطرحا للاستكبار، يأخذ العلم من كل أحد لا ممن لا يثق بروايته، أو من يخاف من فتنته، وفي زماننا هذا لا ينبغي أن يكثر من التقليد في العمل، وإن قلد في العمل فإن العلوم محروسة، والأعمال مبخوسة، ولا يماري ولا يكابر ولا يكاثر، ويحرس نفسه من دناسات المدارس، وقذارات المجالس، ويلزم الاعتزال إلا من أستاذه.
ثم عليه للعالم أن يبدأه بالسلام، ويقل بين يديه الكلام، وإن يخضع له ويعظمه، ولا يمقته، ولا يعيبه ولا يسأله حتى يستأذنه، ولا يعارضه بقول غيره، ولا يبلغه أيضا قبيحا عن غيره، ولا ينقض عليه كلامه إلا أن يكون على وجه السؤال ؛ لأنه في موضع السؤال، والعالم هو المسئول، ولا يغشه، ولا يخدعه، ولا يحسده، فإن حقه عليه أعظم من حق والديه، وليكن هادئا بين يديه، مقبلا عند الكلام عليه، وينبغي أن تكون نصيحته له، وإشارته عليه، ومناظرته له، وأجناس ذلك على وجه السؤال كأنه يقول: إن كان كذا، وهل تكون كذا ؟ وهل يصلح كذا ؟ وما أشبه ذلك، ويجب أن يجله ولا يمله، ولا يقعد عند قيامه، ولا يقوم عند قعوده إلا وهو مبين لعذره، معظم لأمره، ناصح له في سره وجهره، منقاد له في حكمه، وكل ذلك بقدر عمله وعلمه. فهذا وأجناسه من آداب المتعلم.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (صحبة العلماء زين، ومجالستهم كرم، والنظر إليهم عبادة، والمشي معهم فخر، ومخالطتهم كرم، والأكل معهم شفاء، تنزل عليهم ثلاثون رحمة، وعلى غيرهم رحمة واحدة، هم أولياء الله، طوبى لمن خالطهم، خلقهم الله شفاء للناس، فمن حفظهم لم يندم، ومن خذلهم ندم)(1).
Sayfa 166