وتدبر قبل الفعل ما يملى في صحيفتك وانظر هل نفسك معك على الشيطان والهوى والدنيا أو عليك في مجاهدتك.
لقد سعد من حاسبها وفاز من حاربها وقام باستيفاء الحقوق منها وطالبها وكلما قصرت أو ونت عاتبها وكلما توقفت جذبها.
قال -عليه الصلاة والسلام-: «الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني».
وقال عمر: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وطالبوها بالصدق في الأعمال قبل أن تطالبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدا وتزينوا للعرض الأكبر {يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية}.
فصل
أخرج الحاكم في «المستدرك» وابن سعد عن عوانة بن الحكم: أن عمرو بن العاص كان يقول: عجبا لمن نزل به الموت، قال له ابنه عبدالله: يا أبت إنك كنت تقول: عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه، فصف لنا الموت؟ قال: يا بني، أجل من أن يوصف، ولكن سأصف لك منه شيئا، أجدني كأن على عنقي جبال رضوى، وأجدني كأن في جوفي شوك السلان، وأجدني كأن نفسي تخرج من ثقب إبرة.
وقال عمر - رضي الله عنه - لكعب: أخبرني عن الموت؟ قال: يا أمير المؤمنين، هو مثل شجرة كثيرة الشوك في جوف ابن آدم فليس منه عرق ولا مفصل إلا وفيه شوكة، ورجل شديد الذراعين فهو يعالجها وينزعها.
وأخرج أبو نعيم في «الحلية»، عن واثلة بن الأسقع، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من الرجال والنساء يتحير عند ذلك المصرع، وإن الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك المصرع، والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عرق منه على حياله».
Sayfa 81