قيل: إنه لما طعن عمر - رضي الله عنه - قال لابنه: ضع خدي على التراب فوضعه فبكا حتى لصق الطين بخده وعينه، وجعل يقول: ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي، ودخل عليه كعب وكان قد قال له: إنك ميت إلى ثلاثة أيام فلما رآه أنشد:
وواعداني كعب ثلاثا يعدها ... ولا شك أن القول ما قاله كعب
وما بي حذار الموت إني لميت ... ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب
واعجبا من خوف عمر مع كماله، وأمنك مع نقصانك، قيل لابن عباس رضي الله عنهما : أي رجل كان عمر؟ فقال: كان كالطائر الحذر الذي له بكل طريق شركا.
وكان - رضي الله عنه - لم يكن له وقت معين ينام فيه فكان ينعس وهو قاعد، فقيل له: يا أمير المؤمنين، ألا تنام؟ فقال: كيف أنام! إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين، وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عز وجل.
قال حماد بن سلمة: ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله عز وجل فيها إلا وجدناه مطيعا.
فإن كان في ساعة صلاة وجدناه مصليا، فإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه متوضأ أو عائدا مريضا أو مشيعا لجنازة أو قاعدا يسبح في المسجد.
وقال الأسود بن سالم: سمعت معتمر بن سليمان التيمي قال: سقط بيت لنا كان أبي يكون فيه، فضرب فسطاطا فكان فيه حتى مات، فقيل له: لو بنيته، فقال: الأمر أعجل من ذاك غدا الموت.
تبنى المنازل أعمار مهدمة ... من الزمان بأنفاس وساعات
آخر:
أتبني بناء الخالدين وإنما ... مقامك فيها لو عرفت قليل
لقد كان في ظل الأراك كفاية ... لمن كان يوما يقتفيه رحيل
فيا مسدود الفهم بكثرة الشواغل حضر قلبك لحظة للموعظة، يا عبد الطمع طالع دار الأحرار القنوعين.
Sayfa 58