ثم يجعل له أبوابا من جهات، ويرقق بعضها ليسهل عليه الخروج، فإذا أتي ن باب دفع برأسه مأرق وخرج.
وهذا الأيل يأكل الحيات فيشتد عطشه فيحوم حول الماء ولا يشرب لعلمه أن الماء ينفذ السموم إلى أماكن لا يبلغها الطعام.
ومن عادته أنه يسقط قرنه كل سنة وهو سلاحه فيختفي إلى أن ينبت فسبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
وهذه الحية تختفي طول الشتاء بالأرض فتخرج وقد عشى بصرها فتحكه بأصول الرازيانج؛ لأنه يزيل الغشاء، فسبحانه من حكيم عليم أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
وهذا الفهد إذا سمن علم أنه مطلوب وشحمه يمنعه من الهرب فهو يستر نفسه إلى أن ينحل جسمه ويزول الشحم، فسبحانه من إله بصير بكل شيء.
وهذه النملة تدخر في الصيف للشتاء، فإذا خافت فساد الحب وتعفنه أخرجته إلى الهوى، فإذا حذرت أن ينبت نقرت موضع القطمير.
وهو الشق في الحبة والنواة، فسبحانه من إله حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم أحاط بكل شيء علما.
وهذه السمكة إذا حبستها الشبكة قفزت بكل قوتها لتقطع الحابس وأنت لو نهضت بقوة العزم لانخرقت شبكة الهوى.
اسمع يا من ضيق على نفسه الخناق بفعل المعاصي، فما أبقى لعذر موضعا، يا مقهورا بغلبة النفس قم عليها بسوط العزم، فإنها إن علمت منك الجد والاجتهاد والعزم الصادق استأسرت لك، فامنعها ملذوذها ليقع الصلح على ترك الحرام.
وخالف النفس والشيطان واعصهما ... وإن هما محضاك النصح فاتهم
كم حسنت لذة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أن السم في الدسم
ثم اعلم: أن الدنيا والشيطان خارجيان خارجان عليك خارجان عنك، فالنفس عدو مباطن.
Sayfa 54