رابعا: أن يعرف فضل الله عليه وكرمه فيستحي منه فلا يعصه، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
فصل
قال سهل بن عبدالله: استجلب حلاوة الزهد بقصر الأمل، واقطع أسباب الطمع بصحة اليأس، وتعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الذكر.
واستفتح باب الحزن بطول الفكر، وتزين لله بالصدق في كل الأحوال .
وإياك والتسويف، فإنه يغرق الهلكى، وإياك والغفلة فإن فيها سواد القلب، واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر.
وقال يحيى بن معاذ: عمل كالسراب، وقلب من التقوى خراب، وذنوب بعدد الرمل والتراب، ثم تطمع في الكواعب الأتراب.
هيهات أنت سكران بغير شراب، ما أكملك لو بادرت أملك، ما أجلك لو بادرت أجلك، وما أقواك لو خالفت هواك.
وقال يحيى بن معاذ: يا ابن آدم، طلبت الدنيا طلب من لابد له منها، وطلبت الآخرة طلب من لا حاجة له إليها.
والدنيا قد كفيتها وإن لم تطلبها، والآخرة بالطلب منك تنالها، فاعقل شأنك.
وقال: مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب.
وقال: يا ابن آدم، لا يزال دينك متمزقا ما دام قلبك بحب الدنيا متعلقا.
نرقع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
فطوبى لعبد آثر الله وحده ... وجاد بدنياه لما يتوقع
الدنيا لذة ساعة، يتبعها حزن طويل، وهموم وغموم وأنكاد، ومصائب ومتاعب.
والآخرة صبر قليل، وسرور، ونعيم، لا نهاية له لمن رضي الله عنه، قال الله تعالى: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}.
Sayfa 49