وكتب مرة إلى أخ له: أما بعد فلست في شيء من أمر الدنيا إلا ما قدمت لنفسك، فآثرها على المصلح من ولدك فإنك تقدم على من لا يعذرك وتجمع لمن لا يحمدك.
وإنما تجمع لواحد من اثنين، إما عامل فيه بطاعة الله عز وجل، فيسعد بما شقيت به.
وإما عامل فيه بمعصية الله عز وجل، فيشقى بما جمعت له.
وليس والله واحد منهما أهل أن تبرد له على ظهرك، وأن تؤثره على نفسك.
أرج لمن مضى منهم رحمة الله، وثق لمن بقي منهم برزق الله عز وجل، والسلام.
وقيل لأبي الدرداء: مالك لا تشعر؟ قال: قد قلت فاسمعوا:
يريد المرء أن يعطى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا
وقال: ما من أحد إلا وفي عقله نقص عن حلمه وعلمه، وذلك أنه إذا أتته الدنيا بزيادة في مال ظل فرحا مسرورا.
والليل والنهار دائبان في هدم عمره لا يحزنه لك، ظل ظلاله، ما ينفع مال يزيد وعمر ينقص.
وقال: نعم صومعة المرء المسلم بيته يكف لسانه وفرجه وبصره، وإياكم ومجالس الأسواق، فإنها تلهي وتلغي.
خلت القلوب من المعاد وذكره ... وتشاغلوا بالحرص والأطماع
صارت مجالس من ترى وحديثهم ... في الصحف والتلفاز والمذياع
وعن أبي الدرداء قال: أخوف ما أخاف أن يقال لي يوم القيامة: أعلمت أم جهلت.
فإن قلت: علمت لا تبقى آية آمرة أو زاجرة إلا أخذت بفرضيتها الآمرة هل ائتمرت والزاجر هل ازدجرت.
فأعوذ بالله من علم لا ينفع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع، رواه أحمد.
Sayfa 47