وقالت زوجته: كان يقول اشتهي من ربي ثلاث خصال، قلت: وما هن؟ قال: اشتهي أن أموت حين أموت وليس في ملكي درهم، ولا يكون علي دين، ولا على عظمي لحم.
فأعطي ذلك كله، ولقد قال لي في مرضه: أبقي عندك نفقة؟ فقلت: لا، قال: فماذا ترين؟ قلت: أخرج هذه الخابية للبيع، فقال: يعلم الناس بحالنا ويقولون ما باعوها إلا وثم حاجة شديدة. فأخرج إلي شيئا كان أهداه إليه بعض إخوانه فباعه بعشرة دراهم، وقال: اعز لي منها درهما لحنوطي وأنفقي باقيها، فمات، وما بقي غير درهم.
لربي عباد وحده يعبدونه ... يرومونه لا يستقرون دونه
هو السند الأقوى الذي استندوا به ... هو المقصد الأسنى الذي يقصدونه
إذا اعتمد المضطر في الخطب غيره ... فليس سوى مولاهموا يطلبونه
وإن حسد الناس الملوك بملكهم ... فليس لهم في الناس من يحسدونه
لأنهموا حلوا بساحة مالك ... فمهما أرادوا عنده يجدونه
محبته القوت الذي يقتدونه ... وتوحيده الورد الذي يردونه
متى فاتهم من وصله قدر ذرة ... فبا الروح ذاك القدر هم يفتدونه
لهذا اصطفاهم للعبادة دون من ... سواهم فهم طول المدى يعبدونه
تولاهموا دون الورى فولاؤه ... طرز على ثوب التقى يرتدونه
والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
عن يزيد الرقاشي قال: دخلت على عابد وإذا أهل بيته حوله فإذا هو مجهود قد أجهده الاجتهاد.
قال: فبكى أبوه فنظر إليه، ثم قال: أيها الشيخ، ما الذي يبكيك؟ قال: يا بني، أبكي فقدك، وما أرى من جهدك.
Sayfa 41