قال: الدمامة فالأمر فيها إلى غيري، وأما كثرة الكلام فبصواب أتكلم أم بخطأ؟ قالوا: بصواب، قال: فالإكثار من الصواب أمثل (أي أحسن)، وأما إعجابي بنفسي، أفيعجبكم ما ترون مني؟ قالوا: نعم، قال: فإن أحق أن أعجب بنفسي، وأما قولكم: فإني أتعجل القضاء، فكم هذه -وأشار بأصابع يده؟ فقالوا: خمسة، فقال: أعجلتم ألا قلتم واحدا واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة.
قالوا: ما نعد شيئا قد عرفناه، قال: وأنا ما أحبس شيئا قد تبين لي فيه الحكم.
عن جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، قال: ما رأينا في القراء أحدا مثل عيسى بن يونس أرسلنا إليه فأتانا بالرقة فاعتل قبل أن يرجع، فقلت: يا أبا عمرو، قد أمر لك بعشرة آلاف، فقال: هي، فقلت: خمسون ألفا، قال: لا حاجة لي فيها، فقلت: لم والله لأهنئنكها هي والله مائة ألف.
قال: لا والله لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمنا، ألا كان هذا قبل أن ترسلوا إلي، فأما على الحديث فلا والله ولا شرابة ماء ولا هليلجة.
وقال أبو بكر المرزوي: سمعت أحمد بن حنبل وذكر ورع عيسى بن يونس، قال: قدم فأمر له بمائة ألف، أو قال: بمال فلم يقبل، وتدري ابن كم؟ كان عيسى أراد أنه كان حدث السن.
وقال محمد بن المنكدر: حج الرشيد فدخل الكوفة فركب الأمين والمأمون إلى عيسى بن يونس فحدثهما فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم.
فأبى أن يقبلها فظن أنه استقلها، فأمر له بعشرين ألفا، فقال عيسى: لا والله ولا إهليلجة ولا شربة ماء على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو ملأت لي هذا المسجد ذهبا إلى السقف.
طلب الخليفة هشام بن عبدالملك ذات يوم أحد العلماء، فلما دخل عليه، قال: السلام عليك يا هشام، ثم خلع نعليه وجلس بجانبه.
فغضب هشام وهم بقتله ولما تحدث معه وجده عالما كبيرا.
فلما انتهى الحديث عاتبه بقوله له لقد سميتني باسمي ولم تكنني أو تدعني بالخلافة، وخلعت نعليك وجلست بجانبي فلم فعلت ذلك.
فقال له: لم أدعك بالخلافة؛ لأن الناس لم ينتخبوك كلهم.
Sayfa 39