مكر الذنوب علينا غير مأمون ... فلا تظنن أمرا غير مظنون
بل المخوف علينا مكر أنفسنا ... ذات المنى دون مكر البيض والجون
إن الليالي والأيام قد كشفت ... من مكرها كل مستور ومكنون
وحدثتنا بأنا من فرائسها ... نواطقا بفصيح غير ملحون
واستشهدت من مضي منا فأنبأنا ... عن ذاك كل لقى منا ومدفون
وأم سوء إذا ما رام مرتضع ... أخلافها صد عنها صد مزبون
ونحن في ذاك نصفيها مودتنا ... تبا لكل سفيه الرأي مغبون
نشكو إلى الله جهلا قد أضرر بنا ... بل ليس جهلا ولكن علم مفتون
أغوى الهوى كل ذي عقل فلست ترى ... إلا صحيحا له أفعال مجنون
حتى متى نشتري دنيا بآخرة ... سفاهة ونبيع الفوق بالدون
نبني المعاقل والأعداء يخلدنا ... وقد أبى قبلنا تخليد قارون
نظل نستنفق الأعمار طيبة ... عنها النفوس ولا نسخوا بما عون
وما تأخر حي بعد ميته ... إلا تأخر نقد بعد عربون
وكان المعتمد بن عباد ملك إشبيلية يرفل في زاهي حلل الملك ويتقلب في أنواع النعيم والشرف، وبعد أن سلبه تاشفين ملكه وقبض عليه وأسره وسجنه في أغمات، دخلت عليه في السجن بناته بعد مدة وكان يوم عيد وكن بعد ما انتزع الملك من أبيهن يغزلن للناس بالأجرة في أغمات حتى إن إحداهن غزلت لأهل بيت صاحب الشرطة الذي كان في خدمة أيبها فيما مضى وهو في سلطانه فراهن في أطمار رثة وحالة سيئة يرثى له فصد عن قلبه، فأنشد هذه الأبيات:
فيما مضى في الأعياد مسرورا ... فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة ... يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
ولما رجع السلطان محمد بن محمود بن ملكشاه من محاصرة بغداد إلى همذان أصابه مرض السل فلم ينج منه.
Sayfa 27