يجب عَلَيْهِ أَن يسب مثلا بعض أكَابِر الصَّحَابَة كَمَا هُوَ دَاب الرافضة البطلة فِي الْأَوْقَات الشَّرِيفَة كوقت الْأَذَان وأدبار الصَّلَوَات ثمَّ حصل لَهُ الظَّن بالأحاديث أَن الْمَنْدُوب فِي هَذِه الْأَوْقَات الِاشْتِغَال بالأذكار والاوراد المسنونة وَحصل لَهُ بِأَن مُقْتَضى الدّين تَعْظِيم الصَّحَابَة لَا تحقيرهم مثلا فَيَنْبَغِي أَن نقُول لَا يجب على هَذَا الْمُقَلّد الرُّجُوع لما ظهر لَهُ بِالدَّلِيلِ بل يجب عَلَيْهِ الْبَقَاء على ذَلِك التَّقْلِيد ونقول انه بذلك الْفِعْل مثاب وَلَو ترك هَذَا الضلال الى الأوراد والأذكار يكون عَاصِيا لترك التَّقْلِيد الْوَاجِب عَلَيْهِ الى ظَنّه الَّذِي لَا عِبْرَة بِهِ وَترك الْوَاجِب عَلَيْهِ بالتقليد الى مَا هُوَ مَنْدُوب اليه بِالظَّنِّ وَمثل هَذَا لَا يَنْبَغِي أَن يصدر عَن مُسلم فَإنَّا قُلْنَا اذا ظهر عَلَيْهِ الْحق ظنا يجب عَلَيْهِ الرُّجُوع الى الْحق وَترك التَّقْلِيد الَّذِي يَظُنّهُ بَاطِلا فَأَي فرق بَين ذَلِك وَبَين من يُقَلّد اماما يَظُنّهُ أَنه خَالف الحَدِيث فِي مَسْأَلَة أَو مَسْأَلَتَيْنِ وَلَو فَرضنَا ان أحدا من الروافض ظهر لَهُ خطأ مذْهبه فِي بعض الْمسَائِل كَمَسْأَلَة السب مثلا ظنا هَل نقُول عَلَيْهِ أَنه فِي التَّقْلِيد عَاص بعد ذَلِك أم يجب عَلَيْهِ الرُّجُوع فَانْظُر هَذَا
وَالْعجب أَنه اذا ظن أحد الْمُجْتَهدين على الْحق فِي مَسْأَلَة بِوَاسِطَة ظُهُور الحَدِيث الى جَانِبه فَلَا شكّ أَن كَون الثَّانِي على الْحق عِنْده يكون مُتَوَهمًا فَنَقُول هَل يجب عَلَيْهِ أَو يجوز أَن يثبت على تَقْلِيد قَول من يتوهمه أَنه على الْحق وَلَا يجب عَلَيْهِ أَو لَا يجوز لَهُ الرُّجُوع الى قَول من يَظُنّهُ أَنه على الْحق وَمثل هَذَا مِمَّا يستبعده الْعقل جدا
وَالْعجب انهم يعدون الِانْتِقَال من مذْهبه الى مَذْهَب غَيره من أَشد أَقسَام الْفسق أَو أقبحه فَهَل يَقُول لهَذَا الرافضي لَا يجوز لَهُ الِانْتِقَال من مذْهبه وَهَذَا لَا يَقُول بِهِ مُسلم
وانما أطنبنا فِي الْكَلَام كل هَذَا الاطناب مَعَ أَن الْمَسْأَلَة استطرادية فِي الْكتاب لما أَن غرضنا من وضع هَذِه الْحَاشِيَة تَقْوِيَة الْحق بِالسنةِ السّنيَّة وَالتَّرْجِيح بهَا من غير تَقْيِيد بِمذهب معِين على خلاف مَا هُوَ دأب أهل الزَّمَان فأحببنا أَن نجْعَل هَذَا الْبَحْث مُقَدّمَة من مقدماته وَأَيْضًا فقد رَأينَا نَاسا يتساهلون فِي الْأَخْذ بِالْحَدِيثِ وَلَا يهتمون بأَمْره ويرون مَا يُخَالف مَذْهَبهم من الحَدِيث كَأَنَّهُ أَمر مَرْدُود ويتخذون مَا يُوَافقهُ مَقْبُولًا مَعَ أَن التَّحْقِيق أَن يرد مَا يُخَالف الْكتاب وَالسّنة لقَوْله ﷺ من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد
فَلَعَلَّ هَذِه الْمُقدمَة ان شَاءَ الله تَعَالَى تنفعهم فِي التَّحَرُّز عَن سوء صنيعهم ﴿وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل﴾ انْتهى كَلَام الْمُحَقق أبي الْحسن السندي رَحمَه الله تَعَالَى بِطُولِهِ
قَالَ ابْن عبد الْبر وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن الْعلم على أَرْبَعَة أوجه مَا كَانَ فِي كتاب الله النَّاطِق وَمَا أشبهه وَمَا كَانَ فِي سنة رَسُول الله ﷺ وَمَا أشبههَا وَمَا كَانَ فِيمَا اجْتمع عَلَيْهِ
1 / 69